الحوثي وكورونا.. مأزق متشعّب وخيارات شديدة المرارة

السياسية - Thursday 14 May 2020 الساعة 03:00 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير تحليلي/أحمد فؤاد:

 من حيث لا تدري جاءت رياح فيروس كورونا المستجد covid-19، بما لا تشتهى سفن مليشيا الحوثي، وذلك بعد 5 سنوات منذ انقلابها واستفرادها بسلطة شكلية في صنعاء والمحافظات المجاورة لها، سلطة قائمة على قاعدة الجباية واستلاب مرتبات الموظفين ونهب مدخرات المواطنين، دونما أي التزامات خدمية حقوقية تقدم للمواطنين مقابل ذلك.

ومنذ ضربت الجائحة العالمية إيران، حيث أولياء نعمة المليشيا الحوثية وبوصلة توجهاتهم، مطلع العام الجاري اختلطت على هذه الجماعة الأوراق في صنعاء، وبدا مأزقها متشعبا وخياراتها شديدة المرارة، في التعامل مع الوباء العالمي الذي ورغم رعونته فإن نسب مواجهته والنجاة منه بأقل الأضرار عالية جدا، وذلك بسلاح المعرفة والعلم والوعي المجتمعي، كخطوط دفاع أولية، تفتقر إليها مليشيا الحوثي ويحظر إطلاقا استعمالها في صفوف عناصرها..

فقدان تام للبوصلة 

وبين استمرار تجهيل عناصرها بحقيقة الوباء والتقليل من خطورته واعتباره صناعة أمريكية لاستهداف اقتصاد الصين وإيران، والزعم أنّ الوباء يستهدف "الكفار" وبلدان "الشّرك"، ولا يمس "المؤمنين" المفترضين في مسيرة المليشيا، وبين مأزق المواجهة العالمية للوباء والتنسيق المشترك مع منظمة الصحة العالمية وتحقيق مفهوم "العالم قرية واحدة" عمليا، ظهرت مليشيا الحوثي في حالة انفصام سياسي وخطابي مفعم بالارتباك والتخبط وفقدان البوصلة.


يتجلى المأزق الحوثي بوضوح في الخيارين الماثلين رغم تناقضهما وتعارضهما مع بعض، فالتزام مليشيا الحوثي بتعاليم منظمة الصحة العالمية وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي في مواجهة فيروس كورونا، سوف يعطّل عوامل نمو الجماعة ويجفف منابع ديمومتها، وسيؤدي في نهاية المطاف إلى عزل مليشيا الحوثي عن المجتمع، وانكفائها على ذاتها.

عزل المليشيا اجتماعيا

من هنا يمكن تفسير قرار الجماعة محاولة إمساك العصا من المنتصف، وذلك بتعليق الفعاليات الجماهيرية المناسباتية (الشوارعية) العلنية على نطاق واسع، والإبقاء على الفعاليات والتجمعات ذات التداول الإخباري المحدود، ومقابل إغلاق المدارس والجامعات الحكومية والأهلية، أبقت أبواب المساجد مفتوحة لتجمعات صلاة الجمعة والصلوات الخمس بما في ذلك من خطورة لانتشار المرض.

خيار التقليل من خطورة الوباء واستمرار تجهيل عناصرها، أضيف إليه اعتماد التعتيم والتكتم على ظهور الوباء لأكبر فترة زمنية ممكنة واستمرار مساومة المنظمات الدولية وفتح حسابات التبرعات لمواجهة الوباء، غير أن هذا الخيار سرعان ما أوقع الجماعة في موضع الإدانة بتسهيل نشر الوباء والتكتم مقابل المعلومات المتداولة وقصص الوفيات في عدد من أحياء العاصمة صنعاء.

حوادث وفيات لأكثر من فرد في عشرات الأسر تحقق (نيوزيمن) من وقوعها في صنعاء خلال 10 أيام ماضية، جميعها أصيبت بعوارض فيروس كورونا، إغلاق مليشيا الحوثي لعشرات المحال التجارية ومداهمة عشرات المنازل، اعتقال أسر وأقارب وزملاء متوفين، تعقيم محال تجارية، إخراج جثث وفيات من مستشفى الكويت وزايد المخصصات لعلاج كورونا، إغلاق متكرر لأكثر من 10 أحياء.

هستيريا وتضليل متعمد 

حالة هستيريا تعيشها مليشيا الحوثي في صنعاء، في ظل اتساع دائرة الضغط المجتمعي والنفسي الذي يحاصر الجماعة بحزمة استفسارات ومطالبات احتياجات الحجر المنزلي لمواجهة كورونا، أسوة ببقية بلدان العالم التي ضربتها الجائحة العالمية.

يعتقد عبد الناصر هيثم -الناشط السياسي- أن فيروس كورونا أفسد على مليشيا الحوثي أيام رمضان، ليس لأنها تخشى على حياة الناس في مناطق سيطرتها، فهي حسب -عبد الناصر- تزيّن لهم حتى الموت بوباء كورونا باعتباره صناعة أمريكية حسب مزاعمها، ولكن لأن أيام رمضان بالنسبة لها تعد موسماً للجبايات وفرض مزيد من الإتاوات وبالتالي تنمية أرصدة قيادات المليشيا وإكمال بناء مشاريعهم.

وفي آخر مؤتمر صحافي للقيادي الحوثي المعين بمنصب وزير إعلام، اعتبر ضيف الله الشامي، أنهم في مواجهة مع من وصفها "قوى الاستكبار وأدوات إجرام وحرب اقتصادية وعسكرية وثقافية وإعلامية وسياسية وجرثومية"، مشددا على وجوب "مواجهتها بكل قوة والاعتماد على الله"، وأضاف: "كما أن مواجهة هذه الأوبئة لا بد أن تكون من منظور أننا نواجه عدوا صنعته أمريكا"..