أزمة «اتفاق الرياض».. هل اكتفت السعودية بوضع يدها على عدن؟
الجنوب - Wednesday 22 April 2020 الساعة 11:10 pmبرعاية سعودية، وقعت حكومة الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي، اتفاق الرياض، في 5 نوفمبر الماضي، وتضمن 29 بندًا لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في جنوبي اليمن.
وباستثناء تعزيز حضورها العسكري في عدن، ووضع المدينة تحت يد العميد السعودي مجاهد العتيبي، لم تنجز السعودية خطوات فعلية على طريق تطبيق الاتفاق، الذي كان يفترض أن ينتهي جدول تطبيقه قبل أشهر.
وبعدما كان من المفترض أن ينتهي في الخامس من فبراير الماضي تنفيذ الترتيبات العسكرية المتفق عليها، انتهت المهلة المحددة لذلك من دون تغييرات حقيقية على الأرض، بل إن الأمور عادت لتنحو في اتجاه التجاذب والتصادم.
ولم تكن أحداث التوتر الأخيرة، والتي كادت أن تتطور إلى مواجهات شرسة شرق عدن، سوى انعكاس لضبابية الموقف السعودي من تنفيذ الاتفاق، رغم محاولات الرياض للتهدئة، وإرسال رسائل لطمأنة الطرفين.
ومع وجود مساعٍ للتهدئة، إلا أن التوتر مرشح للتصاعد في أية لحظة، وربما يذهب إلى مواجهة مباشرة، مع انسداد الأفق أمام اتفاق الرياض، في ضوء التراخي السعودي، واستماتة حزب الإصلاح الإسلامي، في وضع المزيد من الكمائن في الطريق لتنفيذه.
ربما نجح الاجتماع الذي ضم قادة عسكريين من الشرعية وآخرين من المجلس الانتقالي، بمقر قوات التحالف العربي، في تأجيل صدام عسكري وشيك، في بلدة "شقرة"، لكنه لم يحسم الخلاف الأساسي المتعلق بتنفيذ الاتفاق.
وعُد التصعيد الأخير على مشارف عدن في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون استهدافهم للمناطق المحررة في شمال اليمن تأكيداً على حالة الاختراق القطري لمعسكر الشرعية، وأيضاً الارتباك في أجندة قيادة التحالف العربي.
وينطلق اتفاق الرياض، من قاعدة معالجة آثار المواجهات المسلحة، التي نشبت خلال شهر أغسطس الماضي، في عدن وشبوة، وترميم التصدعات داخل معسكر المناوئين للحوثيين، وهو ما يرفضه حزب الإصلاح ومراكز قوى في "الشرعية" تعتقد أنه يمكن فرض أمر واقع بالقوة العسكرية.
ومع أن التنظيم يخوض التحشيد لمهاجمة عدن ولحج، تحت يافطة الشرعية، إلا أن قادة الجيش، سيما وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي، ورئيس الأركان الفريق صغير بن عزيز، يبدوان خارج العملية تماماً، الأمر الذي يؤكد التصدع الحاد في هرم "الشرعية" وأيضاً سيطرة "الإخوان" وقائد جناحهم العسكري علي محسن الأحمر على قواتها.
ودخل بعض المقربين من الرئيس المؤقت، خط التصعيد انطلاقاً من خلفيات مناطقية تستحضر الصراع القديم في جنوب اليمن، بينما تسعى قيادات الإخوان لتمرير أجندة إقليمية تهدف إلى تغيير موازين القوة في البلد لصالح الجماعة التي خسرت الكثير من مكاسبها على الأرض في الفترة الأخيرة.
مبايعات الشمال تعيد الإخوان جنوباً
ثمة مسألة تستحق الكثير من التدقيق، تتعلق بتوقيت التصعيد العسكري باتجاه مدن الجنوب، إذ إنه جاء على وقع انتكاسات مدوية لقوات هادي وتنظيم الإصلاح الإسلامي، في جبهات القتال بمأرب والجوف.
وقد كان المثير حقاً بالنسبة لكثيرين، ظهور قيادات عسكرية موالية للفريق علي محسن نائب الرئيس اليمني، بعضها على ارتباط وثيق بالجماعات المتطرفة، تطلق تهديدات باجتياح مدينة عدن، في غمرة الاندفاع الضارب للحوثيين لاستكمال السيطرة على شمال اليمن.
ومقابل ما يبدو حماساً إخوانياً لتفجير الوضع عسكرياً في عدن، يسهل حزب الإصلاح، تمدّد الحوثيين في شمال البلاد، على حساب تآكل نفوذ الشرعية، ناهيك عن ضلوع شبكة ضباط وزعماء قبليين مرتبطين بالجنرال علي محسن في عمليات تهريب شحنات أسلحة وذخائر للجماعة المدعومة من إيران.
وبدا واضحاً من التحرُّكات الأخيرة شرقي عدن، أن سيطرة تنظيم الإخوان على الشرعية وقواتها تضع الأخيرة في الجانب الآخر من الحرب التي يقودها التحالف، في اليمن، ضد المسلحين الحوثيين، كما أنها تترك شكوكاً حول دور اللاعب القطري.
وقد أفصحت السعودية عن هذا القلق، في أعقاب الانتقادات التي وجهتها الرياض على لسان سفيرها في اليمن محمد آل جابر الذي عبّر عن رفض بلاده، التي تقود التحالف العربي وترعى اتفاق الرياض، للمناورات العسكرية التي أجرتها قوات تابعة للشرعية في شقرة منتصف شهر مارس الماضي.
وحمل تصريح السفير السعودي، إشارات واضحة، إلى عمل حلف هادي والإخوان، على حرف مسار المعركة، وتحويل بوصلة الصراع باتجاه الجنوب، حيث ربط "آل الجابر" التحشيد على تخوم محافظة أبين، بالهجوم المتواصل للحوثيين على محافظتي مأرب والجوف.
ورغم الضغط العسكري الكبير من جانب مسلحي الحوثيين على مدينة مأرب، التي يتخذ منها إخوان اليمن حالياً معقلاً رئيساً، لم يتوقف تدفق القوات العسكرية الموالية للتنظيم نحو محافظة أبين، في مسعى لتفجير مواجهة مهلكة، مفتوحة على إملاءات قطر، مع قوات المجلس الجنوبي، تثلج صدور الحوثيين.
وباتت الدوحة لاعباً أساسياً في التطورات التي تشهدها العديد من مناطق اليمن من خلال دعم تنظيم الإخوان، مالياً وإعلامياً وتمويل مجاميع مسلحة في محافظة تعز، تمهيداً للعب أدوار في جولات صراع قادمة تستهدف عدن ولحج والساحل الغربي على الضفة الشرقية للبحر الأحمر.