مسيرة المقابر.. 65 ألف قتيل حوثي قدَّمهم "السيد" قرابين تحت أقدام ولاية الفقيه

تقارير - Tuesday 21 April 2020 الساعة 12:44 am
صنعاء، نيوزيمن، سهيل القادري:

يروي أحد قادة المجاميع المناطقية ممن سبق انضمامهم إلى حرب الحوثي العبثية أنه أثناء اشتداد معارك الساحل الغربي العام 2018، التقوا مع مقاتلين حوثيين من مناطق أخرى في نقطة تحشيد وإذا بأصوات طيران التحالف وأصوات على الأرض تحثهم على التفرق، وخلال ثوانٍ فقط وقعت صواريخ على أحد التجمعات فحولت ما بين خمسين وثمانين عنصراً إلى أشلاء، قبل أن يطلقوا حتى طلقة واحدة في الجبهة.

بصورة شبه يومية تعلن وسائل الإعلام الحوثية عن تشييع جنازات تضم العشرات من الأتباع في مشاهد تذكر بدفع الولي الفقيه (الخميني) بمئات الآلاف إلى محارق الموت إبان الحرب العراقية الإيرانية، في حروب عبثية مسكونة بنظريات المؤامرة التي ما زالت فاعلة، بصورة مرَضية، لدى السلطات الإيرانية ومليشياتها في المنطقة العربية.

أساليب التجنيد

تناقض الخطاب الحوثي في حربه منذ خمس سنوات ما بين التحرر من الوصاية واستعادة القرار اليمني وبين الدفاع عن "الأرض والعرض"، لما لكل شق من الخطاب في تحديد البادئ بالحرب، لم يمنع يمنيين من الانجرار في حرب "السيد المقدسة" أكان طوعاً أو كرهاً، واقعين تحت تأثير عمليات تضليل واسعة ومستمرة، وأساليب إجبار ناعمة وعنيفة، دفعت عشرات الآلاف منهم إلى جبهات القتال.

استخدم الحوثيون في التجنيد لصفوفهم مؤسسات الدولة مستفيدين من خبرات إيرانية ولبنانية في استمرارية العمليات التعبوية وممارسة وسائل غسيل أدمغة على مستويات مختلفة ومتساندة.

خصص الحوثيون فرق تجنيد خلقت منافسات بين مشايخ قبليين في الأرياف وعقال حارات في المدن، وصلت في فترات عدة إلى الإجبار والتهديد كما تناقلت وسائل إعلام محلية وثائق بهذا الشأن، بينها فيديو لرئيس ما يسمى مجلس التلاحم القبلي، القيادي الحوثي ضيف الله رسام، حيث قال في مقابلة مع قناة تلفزيونية حوثية إن المليشيا ستلجأ إلى إكراه أبناء القبائل على الانخراط في صفوف مقاتليها تفعيلاً لوثيقة الشرف القبلي، المفروضة على مشايخ قبائل أوائل العام الماضي، تحت بند "الغرم القبلي" الملزم للموقعين بدعم الجبهات الحوثية بالمال والرجال.

وفي المدارس والجامعات جندت الجماعة الحوثية عدداً كبيراً من الشباب، ومن وسط المعلمين ومديري المدارس، ومن أعضاء المجالس المحلية لاستقطاب صغار سن إلى دورات تعبوية "ثقافية" ثم دورات عسكرية يتم بعدها إلحاقهم بالجبهات.

وساوم الحوثيون ضباط وجنود الجيش والأمن السابقين بالمرتبات، المنقطعة منذ أواخر العام 2017، وأكرهت الآلاف على الانضمام إلى مقاتليها، وإلى جانبهم منحت تسهيلات، من ترقيات وتوقيف إجراءات جزائية في قوانين الخدمة المدنية العامة، للمتجاوبين مع المليشيا في تحشيد الموارد البشرية والمالية.

الأيام الأخيرة، كشف أسرى وقعوا في أيدي قوات حكومية أنهم كانوا سجناء لدى الحوثيين، ودفعوا بهم دون رضاهم إلى خطوط التماس في جبهات القتال، ومن بين هؤلاء كان أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتتولى أجهزة الإعلام، والمساجد التي يسيطر الحوثيون على معظمها التجنيد الناعم لليمنيين.

أعداد القتلى

تتحدث تقارير عن وفاة أزيد من 250 ألفاً أغلبهم مدنيون ونساء وأطفال، جراء الحرب الحوثية خلال الخمس السنوات الماضية، ما يقارب نصف العدد نتيجة عمليات عسكرية والبقية بسبب تدني الخدمات الطبية، وما زال نحو مليوني لغم حوثي، حسب منظمات حقوقية ومتخصصة تمثل خطراً كارثياً على اليمنيين أثناء الحرب وبعدها.

وسبق أن كلفت الجماعة التابعة لإيران في تمرداتها الستة بين العامين 2004- 2010 حوالى ستة إلى عشرة آلاف قتيل منهم من غررت بهم القيادات الحوثية، كما هو حاصل الآن من جر عشرات الآلاف للموت بصفوفها، في سبيل أوهام "السيد" الخادمة لمشاريع ولاية الفقيه.

تحاول الجماعة الحوثية إخفاء أعداد قتلاها، كإجراء عسكري وأمني يهدف لإبقاء الروح المعنوية لمقاتليها مرتفعة، بينما "عقدة الشهادة" والجموح الكرنفالي ينبئان عن عدد قتلاها خلال سنوات الحرب الخمس، إذ يعكس العدد الهائل لصور قتلى الحوثيين في ما تسميه "أسبوع الشهيد" تيمناً بحزب الله اللبناني، في الأسبوع الثالث من شهر جماد الأول الهجري كل عام، عدد من لقوا مصرعهم من عناصر الجماعة.

وقدرت مصادر محلية غير رسمية في صنعاء أن الجماعة خسرت نحو 50 ألف قتيل وجريح من أتباعها المقاتلين في مختلف الجبهات، حتى نهاية العام 2018، لكن شواهد تشير إلى أن هذا العدد أقل من الحقيقي.

ورصدت وسائل إعلام محلية من واقع جنازات التشييع الحوثية المعلنة ما بين 30-40 قتيلاً يومياً الأشهر الأربعة الفائتة.

وبحسب مصادر مرتبطة بالحوثيين فالكثير من الجنازات لا يتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام الحوثية إما بسبب عدم تغطية التشييع في مناطق ريفية وبعيدة عن مراكز المدن الرئيسية، الأمر الذي تؤكده مراسيم الجنازات في عدد محدود من المدن، وأسباب أخرى متصلة برفض أهالي تصوير جنازات ذويهم لأخذ المليشيا أبناءهم إلى جبهات القتال دون موافقتهم، غير جثث ما زالت رهن مناطق معارك سقطت على الحوثيين. وبأخذ المتوسط اليومي المرصود الأشهر الأخيرة يبلغ القتلى الحوثيون في سنوات الحرب ما بين 55-73 ألف صريعٍ.

على وكالة الأنباء الرسمية التابعة للحوثيين بصنعاء، تباهت الجماعة بإنجاز 400 مقبرة "روضة شهداء" خلال الثلاث السنوات الأولى من الحرب، وذكرت مصادر أن الجماعة الحوثية شيدت خلال عام 2018 أكثر من 100 مقبرة جديدة في صنعاء وصعدة والمحويت والحديدة وريمة وإب وذمار، لقتلى الجماعة، لتضاف إلى 400 المقبرة السابقة.

من خلال استطلاع عشوائي لعدد من المقابر الحوثية في عدة محافظات، تبين وجود مقابر رئيسية فاق عدد القتلى فيها الخمسمائة، ومقابر جديدة أو ثانوية تتراوح أعداد القتلى ما بين 50-100، بينما غالبية المقابر الحوثية تدور الأعداد فيها بين 100-200 قبر، ومع استبعاد مقابر موتى قديمة خصصت فيها مساحات لقتلى حوثيين، أو صرعى رفض أهاليهم دفنهم في المقابر الحوثية، وبأخذ معدل متوسط يبلغ 150 لجميع المقابر الحوثية المعلنة حتى أوائل العام الفائت، يصل العدد إلى 75 ألف قتيل من عناصر الحوثيين.

ووفقاً لوسائل الإعلام الحوثية، دشنت الجماعة عبر ما أسمتها "هيئة الزكاة" في "أسبوع الشهيد" الأخير مشروع 30 ألف سلة غذائية لأسر الشهداء في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلى جانب كفالة خمسة آلاف من أبناء "الشهداء".

العينات العشوائية، مرة أخرى، من صور قتلى أبرزت في مديريات وعزل أن آباء فقدوا ما بين 1-4 من أولادهم قتلوا في صفوف الحرب الحوثية، وبمتوسط تقديم كل أسرة اثنين من أبنائها يصل العدد إلى 60 ألف قتيل، مضاف إليهم خمسة آلاف من حديثي الزواج قتلوا وتركوا أولادهم أيتاماً.

وتبين الحسابات المجمعة من الشواهد السابقة أن عدد من ذبحهم عبد الملك الحوثي من أتباعه المغرر بهم خدمة لأجندات ولاية الفقيه الإيرانية يتراوح بين 55-75 ألف قتيل حوثي، أو بمتوسط 65 ألفاً.

قد تكون الأرقام ليست دقيقة، غير أنه في ظل إحجام الجماعة الحوثية في الإعلان عن أعداد قتلاها، يكون اللجوء إلى مؤشرات رسمية صادرة من الجماعة والمقارنة بينها مناسباً لمعرفة حجم الكارثة الحوثية حتى على الموالين.