صلاح الموسمي.. مدفع الساحل
السياسية - Tuesday 31 March 2020 الساعة 10:27 pm
للتحدث عن صلاح للكتابة عنه، وهأنذا أكتب، يجدر بي العودة إلى يوم موته، هأنذا أعود، إلى سكن الإذاعة الذي لمني بعد وصولي، قبل شهرين، من مدينة تعز، هناك وبعد عودتي من البحر، كنت مع أحد معارفي في الساحل، إلى السكن ولجت غرفة صديقي الارياني، رأيت بوجهه الأسى، فصحت به ماذا حدث؟
نظر إليّ، كمن ينظر إلى برج عال لا يراه، هكذا نظر، أغمض عينا، وتكلح وجهه، وقال لي: صلاح الموسمي بحادث مروري مات، تحدث لي وكأنه يعلم أن لا أحد يجهل صلاح، لا أحد يجهله، لكنني جهلته والله، فحدثني، حدثوني جميعا عن صلاح كلهم.
صلاح الذي كان من طلقات ديسمبر الخالدة، جنبا إلى جنب مع الشهيد في العاصمة، بمعركته الشامخة، صلاح المأخوذ من صيرورة القتال، قاتل في كل مجالدة تنتصر للوطن، في أعلى الوطن، في منتصفه في أسفله.
الكلام قليل
غير مجد الحديث عن الفقيد الذي تجشم المعركة وجالد الطغاة، الفقيد الأسطوري عندما عجزت عن قتله جحافل السلالة مات بحادث مروري، هي قدرة الله التي قطفت الراحل، لا اعتراض على ذلك، لكنها سيرة هذه البلاد التي تدفن الرجال ذوي البأس وفقيدنا أحدهم، من ثلة الانتفاضة الديسمبرية في صنعاء، هؤلاء رجال اليمن الجليل، سطر ملحمة لا بوجه القائلين للكهف نعم، كان صلاح.
ذاقت المليشيا شجاعة الموسمي
كان مدفعية المقاومة، أسقط كامل تحصيناتهم، دوخهم لولا أن الاتفاق حال دون استكمال المعركة ليعرف الجميع شجاعة اليماني المسجى يومنا هذا بدموع الألوية التي سارت خلفه نحو الهدف وتعلمت منه التصويب وبكت على جثمانه، تنعيه، لكنه قد علم برحيله، هذا مؤكد، فدرب المئات كل فنون المدفعية، زرع خبرته ورحل.
كان صلاح من أولى ثيمات المقاومة
قبعته أولاهن بعد العميد ظهرت بساحل البلاد الملحمي، صلاح من إب، من مديرية القفر، عندما قال طارق صالح وانا طارق محمد عبدالله صالح من إب كان يقصد صلاح وأمثاله، وإن مات صلاح فقد بقي الأثر هنا في الساحل لواءً كاملاً دربه صلاح، كل أحد فيه نسخة من صلاح، لكن صلاح ذهب ولن يعود، ذهب صلاح وبكته السواحل.
>> نبيل الصوفي يكتب: صلاح الموسمي شهيداً.
تلك الطوابير من الجند تراصت كي تودعك يا صلاح، خطوات جبارة في جنازتك تدوزنت كي تؤدي لك التحية الأخيرة، بل ستؤديها في كل معركة، فأنت حيا طلقة الحرب المثلى، وميتا ملهمهم إلى النصر، ماذا كنت يا صلاح لتسير خلفك كل تلك الأرواح، عسكرية ومدنية، قبعات وملابس شعبية يستحيل مثلك أن يذهب بهدوء فأنت ملأت الساحل، بل اليمن، ضجيجا بمهارتك، أنت قضيت مضجع الكهنوت بمدفعك، يا فطنة المعركة كم تشتاقك القبعات.
المجد لروحك يا صلاح
يا أسطورة البلاد ومدفعية المقاومة وسورة النضال في أبهى تجليها، المجد لروحك والخلود، فأنت لن تموت، سوف تخلدك ديباجة العالم، ستتخلد ذكراك بين دفات الكتب، وعلى جبهة البلاد التي ستتحرر يوماً ما وستهنأ في مثواك الأخير وقد اخترته أنت بنفسك، فلا كلام ولا بكاء، لتكن المعركة هي فقط قرة عين صلاح، ليهنأ في المقبرة.