مخبز "الفتيكة".. بنك طعام الفقراء في القرى المنسية بريف المخا

المخا تهامة - Saturday 28 March 2020 الساعة 08:30 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

على حمار يحث الخطى، كان الطفل سعد عائدًا إلى منزله، ذات صباح، بعدما قطع مسافة تقدر بنحو 10 كم من قرية حسي سالم المجاورة للبحر إلى حيث يوجد مشروع المخبز المجاني في قرية الفتيكة شرقاً، حاملاً لأسرته خمسين قرصاً من الروتي كحصة يومية تتلقاها من هذا المشروع الذي تديره جمعية هائل سعيد أنعم.

يتولى أسعد، وهو طفل في التاسعة من العمر، حمل حصة عدد من جيرانه أيضا، كونهم لا يجدون وسيلة مواصلات ولا دواب يقطعون بها كل تلك المسافة يوميا.

في رحلته اليومية يشارك أسعد عددا من أقرانه، فينطلقون على ظهور الحمير قبل شروق الشمس لجلب حصص أسرتهم من الخبز، فيما يستخدم آخرون الدراجات النارية ليعودوا عند الثامنة صباحا.

مسافات بعيدة

في طريقنا الممتد من السبلة إلى حسي سالم التقينا بأطفال راجلين يحملون أكياس الخبز التي حصلوا عليها، كان ذلك في الثامنة صباحاً، بعدما قطعوا ما يقارب من عشرة كم من وإلى الفرن المجاني.

كان حديث الأطفال مليئاً بالفرح، فأسرهم البعيدة عن المنظمات الإنسانية حصلت على ما يعينها للبقاء على قيد الحياة بعدما تسببت حرب المليشيات في انعدام الأعمال وتوقف المرتبات التي كانت دورتها تصل إلى أولئك الفقراء فيعتاشون من أعمالهم البسيطة المتمثلة في رعي الأغنام.

كشف حديثهم معنا عن تكافل قائم بين تلك الأسر، حيث يتكفل البعض بجلب حصة عدد من الأسر على ظهر حماره، فيما قرى أخرى يتبرع مالكو الدراجات النارية بجلب جميع خبز القرية، نظرا لبعدها عن المخبز الخيري ومشقة الذهاب يوميا.

مشروع إنساني

تأسس فرن الفتيكة عام 2014 على نفقة جمعية هائل سعيد أنعم في قرية الزهاري لتوزيع الخبز المجاني على 600 أسرة فقيرة في القرى الريفية.

عند انطلاق المشروع كان الفرن يستهلك نحو 12 كيسا من الدقيق، لكنه تقلص حاليا إلى نحو ثمانية أكياس يوميا.

لكن هناك شكاوى عدة من عمال المخبز الخيري وهي قلة الأجور الشهرية التي لا تتناسب مع الغلاء المعيشي.

يقول عامل سابق، كنت أتقاضى 2000 ريال كأجر يومي فيما آخرون يتقاضون نحو 50 الف ريال شهريا وهي مبالغ زهيدة.

يضيف، تغذية العمال مجحفة أيضا، فقد كنا نعمل طوال اليوم لإنتاج الروتي، لكننا نحصل على تغذية ضيئلة، فمثلا وجبة الفطور علبة فاصوليا لستة أو سبعة عمال.

أسر في مناطق نائية تفتقر لكل شيء

هناك قرى نائية في أرياف المخا تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة وتنعدم عنها كل وسائل العيش الكريم.. وساهم بُعدها المكاني وتناثر قراها وتجمعاتها الصغيرة على مساحات شاسعة في جعلها بعيدة عن اهتمام المنظمات الإنسانية.

كما ظلت المياه شحيحة الوجود في تلك المناطق ويقطع سكانها مسافات طويلة للحصول عليها.