حكومة ألمانيا لـ ترامب: "ألمانيا ليست للبيع"

العالم - Monday 16 March 2020 الساعة 08:30 pm
نيوزيمن، ا ف ب ، د. ب. ا:

اتهمت الحكومة الألمانية، اليوم الاثنين، رسمياً الولايات المتحدة بالسعي لوضع اليد على مشروع لقاح ضد فيروس كورونا المستجدّ طوّره مختبر الماني، محذرة بأنها ستبذل كل ما بوسعها حتى ينجح المشروع في أوروبا.

وقال وزير الخارجية هايكو ماس في مقابلة نشرتها المجموعة الإعلامية المحلية "فونكي" الإثنين، إن "الباحثين الألمان يلعبون دورا أساسيا في تطوير أدوية ولقاحات ولا يمكن أن نسمح لآخرين بالسعي لحيازة حصرية نتائجهم".

وكان مسؤولون ألمان سارعوا بتوجيه انتقادات حادة للولايات المتحدة على مساعيها احتكار الحقوق الحصرية لعقار ضد فيروس كورونا يتم تطويره حاليا من قبل شركة في ألمانيا، وذلك عقب تقارير اعلامية افادت بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول ضمان اللقاح حصريا لبلاده.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس "الباحثون الألمان رائدون في مجال تطوير الأدوية والعقاقير. لا نستطيع أن نسمح للآخرين بالحصول على نتائج أبحاثهم حصريا". وأضاف "سوف نستطيع هزيمة هذا الفيروس معا وليس ضد بعضنا البعض".

بينما كشف وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن الحكومة الالمانية ستناقش هذه المسألة خلال اجتماع بشأن أزمة فيروس كورونا في برلين اليوم.

بدوره قال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، الحليف المقرب للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في رسالة باللغة الإنجليزية للولايات المتحدة الأمريكية اليوم الاثنين (16 مارس/آذار) أثناء حلقة نقاشية استضافها الصحفي الألماني البارز جابور شتاينغارت "ألمانيا ليست للبيع"، وذلك على خلفية الخلاف الذي نشأ بين البلدين بشأن حقوق ملكية لقاح ضد فيروس كورونا (كوفيد 19).
من جانبه كتب رئيس لجنة الصحة في البرلمان الألماني، ارفين روودل في حسابه على تويتر بأن "المنافسة في هذا الوقت هي رسالة خاطئة"، مؤكدا على أهمية التعاون الدولي وليس اعلاء المصلحة الوطنية فقط "فالفيروس لا يتوقف عن الحدود، واللقاح كذلك لا يجب أن ينحصر عند حدود معينة".

وكانت صحيفة فيلت ام زونتاج قد أفادت أمس الأحد نقلا عن مصادر حكومية في برلين بأن أمريكا عرضت على شركة (كيور فاك) الخاصة، الواقعة في مدينة توبينغن، على بعد 30 كيلومترا جنوب شتوتغارت، مليار دولار للحصول على الحقوق الحصرية لعقار يتم تطويره حاليا.
وجاء في التقرير استنادا إلى دوائر حكومية في العاصمة برلين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول جذب علماء ألمان إلى بلاده بهبات مالية كبيرة أو ضمان اللقاح حصريا لبلاده.

وقال ألتماير "نحن نعرف هذه الشركة ونتواصل معها".
وذكرت تقارير صحفية في ألمانيا أن شركة (كيور فاك) نفت أنها تدرس إبرام عقد مع الولايات المتحدة لتطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد حصريا لأمريكا.

وقال كريستوف هتيش، الرئيس التنفيذي للشركة، في تصريحات لصحيفة "مانهايمر مورجن" الألمانية: "نريد أن نطور لقاحا للعالم كله وليس لدول بعينها".

وردا على سؤال من وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أشارت وزارة الصحة الاتحادية إلى التصريحات التي أدلى بها متحدث باسم الوزارة من قبل لصحيفة “فيلت أم زونتاج” والتي قال فيها: “الحكومة الألمانية مهتمة للغاية بأن يتم تطوير لقاحات ومواد فعالة ضد فيروس كورونا المستجد في ألمانيا وفي أوروبا.

وقالت "وفي هذا الشأن تتواصل الحكومة بشكل مكثف مع شركة /كيور فاك/ (التي يوجد مقرها في توبينغن)”.
وأضافت "إن ألمانيا تحاول إمداد الشركة بالأموال".

وأكد وزير الداخلية الالماني هورست زيهوفر مساء الأحد صحة المعلومات التي نشرتها صحيفة "دي فيلت" الألمانية في اليوم نفسه حول محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع يده على المختبر الالماني من خلال عرض مبلغ مالي ضخم عليه.

وقال خلال مؤتمر صحافي "كل ما يمكنني قوله هو إنني سمعت مرارا اليوم من أعضاء في الحكومة أن هذا صحيح".

وأفاد أنه سيتم بحث المسألة الإثنين ضمن "لجنة الأزمة" الحكومية المكلفة الإشراف على مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد الذي تسبب حتى الآن بخمسة آلاف إصابة و12 وفاة في ألمانيا.

- اختبار قوة
ويدور اختبار القوة بين الولايات المتحدة وألمانيا حول مختبر "كيور فاك" في توبينغن بجنوب غرب البلاد.

و"كيور فاك" من المختبرات التي تعمل في العالم على تطوير لقاح ضد كوفيد-19 مستفيدة من مساعدات من الحكومة الألمانية.
وكانت الشركة أكدت أن "بضعة اشهر" فقط تفصلها عن عرض مشروع لقاح للحصول على المصادقة السريرية عليه.

وكتبت الصحيفة الألمانية أن ترامب يسعى لاجتذاب علماء ألمان يعملون على مشروع اللقاح من خلال عرض ملايين الدولارات عليهم او للحصول على حصرية اللقاح من خلال الاستثمار في الشركة.

وقال مصدر قريب من الحكومة الألمانية للصحيفة إن اللقاح سيكون في هذه الحالة "للولايات المتحدة وحدها".

ورأى ممثل عن الحكومة الأميركية ردا على أسئلة وكالة فرانس برس أن هذه القضية "فيها الكثير من المبالغة".
وقال طالبا عدم كشف اسمه إن واشنطن تحدثت مع أكثر من 25 مختبرا للأدوية وأكد أن "أي حل قد يتم التوصل إليه سيتم تقاسمه مع باقي العالم".

لكن الواقع أن رئيس مجلس إدارة الشركة الألمانية تلقى دعوة شخصية من الرئيس الأميركي لزيارة البيت الأبيض في 3 آذار/مارس لبحث "تطوير لقاح ضد كورونا المستجد بشكل سريع".
والمستغرب في الأمر أن شركة "كيور فاك" أعلنت بعد أسبوع رحيل رئيس مجلس إدارتها (يحمل الجنسية الامريكية) بشكل مفاجئ بدون أن تعطي أي أسباب لذلك.

ففي الأثناء نظمت المقاومة ضد مشاريع ترامب صفوفها في ألمانيا ولا سيما داخل الشركة المعنية التي أكدت على الاهتمام الأميركي بدون أن تتحدث عن "عرض شراء".

- توجيه أصابع الاتهام إلى ترامب

وأثنى وزير الاقتصاد الالماني بيتر ألتماير على "القرار الممتاز" الذي اتخذته شركة "كيور فاك" برفضها عروض واشنطن.
ورأى مكتبه "من المهم للغاية أن يكون بإمكاننا إنتاج لقاحات في المانيا وأوروبا"، محذرا بأن بإمكان الوزير معارضة أي مشروع استثمار في مؤسسات وطنية تعتبر استراتيجية.

وشددت وزارة الاقتصاد الالماني ان "الحكومة ستدقق عن كثب في عمليات استحواذ دول أجنبية على اي شركات ألمانية، خصوصا إذا كان الأمر يمس بالمصالح الأمنية لألمانيا وأوروبا".
ووجه رئيس الحزب الديموقراطي الحر (ليبرالي) الألماني كريستيان ليندنر أصابع الاتهام مباشرة إلى ترامب.

وقال "من الواضح أن كل الوسائل متاحة برأي الرئيس الأميركي خلال الفترة الانتخابية"، مضيفا إن "مكافحة فيروس كورونا المستجد هي مهمة تعني البشرية بأكملها، لا مجال للأنانية"، في إشارة إلى محاولته الاستحواذ على اللقاح وجعله حصرياً لأمريكا فقط.