غدر الإخوان وخيارات الشرعية والتحالف

السياسية - Tuesday 04 February 2020 الساعة 10:13 am
نيوزيمن، عبدالملك الكحلاني:

فاق التحالف في كرمه ودعمه الذي قدمه لإخوان اليمن كرم صالح لهم، فأكرمهم بعد هروبهم من صنعاء واستضافهم في قصور الرياض وأسكنهم في أفخر الفنادق ودعمهم بمال لو صرف على أفقر من في الأرض لأغناهم، ودعمهم بالسلاح الذي لو استخدم لتحرير القدس لكان المسلمون يقيمون الصلاة الآن في المسجد الأقصى، وكان ظهرا للرجال الذين لو لم يخذلوهم الإخوان ويغدروا بهم لحرروا صنعاء في أشهر، ودعمهم بالطيران الحربي الذي لو صدقوا في تحديد الأهداف لما بقى قيادي حوثي يمشي على وجه الأرض، ودعمهم دولياً في مجلس الأمن بقرارات أيدتها كل الدول بدون تحفظ أو رفض.

لكن وللأسف نرى نتيجة دعم التحالف لإخوان اليمن لا تختلف عن نتيجة دعم وثقة صالح بهم، فاستخدموا القصور والفنادق كغرف عمليات تخدم أطماع ومخططات قطر، واستخدموا أموال التحالف في استثمارات داخل تركيا، واستخدموا سلاح التحالف لتقوية الحوثيين في مسرحيات تسليم هزلية، واستخدموا أرواح ودماء الرجال ككباش فداء لتبرير غدرهم وخذلانهم، واستخدموا الطيران لتأليب الناس وخلق كراهية ضد التحالف وأيضا لتصفية حساباتهم مع عفاش وقيادات المؤتمر بدلا من استهداف القيادات الحوثية، واستخدموا الدعم الدولي ليس لحصار الحوثيين بل لفرض عقوبات على أبناء صالح من أجل بقاء سيطرتهم على الشرعية ومواصلة استغلال وابتزاز دول التحالف العربي.

الزعيم صالح عمل المستحيل سابقا مع الإخوان وفاق الشهيد صالح في كرمه الذي قدمه لأخوان اليمن كرم من لا يخشى الغدر، شاركهم عفاش في السلطة فأعطى لهم الثقة بأن يكون منهم القادة العسكريون، فجندوا آلاف العسكريين الوهميين، وكان منهم الوزراء والسفراء فاستبدلوا جميع قيادات الوزارات والسفارات بعناصرهم الإخوانية، وكان منهم رؤساء ودكاترة الجامعات فنشروا أفكارهم الإخوانية بين الطلاب، وكان منهم التجار الذين أعطيت لهم الامتيازات فكسبوا الملايين بدون وجه حق، وكان منهم المشايخ فامتلكوا نفوذاً في مناطق قبائلهم أكبر من نفوذ الدولة، وكان منهم خطباء مساجد يخطبون بكل حرية وبكل مساجد الجمهورية، وكان منهم المدرسون بأغلب المدارس فنشروا فكر الولاء لحركة الإخوان بدلاً عن الولاء للدولة، كانت ثقة وتسامح وكرم صالح الهدف منه إشراكهم في السلطة من أجل استقرار اليمن وبناء دولة يمنية تضم جميع اليمنيين بغض النظر عن توجهاتهم. كان الإخوان المسلمون باليمن شركاء بإدارة الدولة ولم يكن هناك سجين سياسي واحد منهم بينما كان الإخوان المسلمون بباقي الدولة العربية إما مسجونين أو ملاحقين.

كانت نتيجة ثقة صالح بالإخوان هو الخذلان المطلق، فعندما قامت حركة الإخوان المسلمين بدعم ثورات الربيع العربي، أنكر إخوان اليمن كل الذي قدمه صالح لهم، فقامت قياداتهم العسكرية بالانشقاق عن الجيش، وقياداتهم في الوزارات والسفارات أعلنوا استقالتهم من الحكومة، وأكاديميوهم خرجوا إلى الساحات يطالبون برحيله ومنعوا حتى الدراسة في الجامعات، وتجارهم استخدموا المال الذي كسبوه لدعم ساحة التغيير ضده، ومشايخهم قاموا بمحاصرة معسكرات الدولة في مناطقهم، وخطباء جوامعهم أفتوا بوجوب الخروج ضد الحاكم، ومدرسوهم دفعوا بطلاب المدارس إلى ساحات التغيير، وفي الأخير قاموا بتفجير صالح وقيادات الدولة التي كانوا جزءاً منها داخل المسجد الذي وثق صالح بأن يكون إمام المسجد شخصاً من جماعة الإخوان.

مسلسل خذلان الإخوان لشركائهم لم يقتصر على صالح بل امتد غدر الإخوان حتى التهم علي محسن نفسه الذي كان أحد أعمدتهم الرئيسية في اليمن فبعد انشقاقه عن صالح في 2011م، خذله الإخوان عند وصول الحوثيين إلى حدود العاصمة صنعاء فعقد الإخوان اتفاقاً مع الحوثيين يضمن مصالحهم وباعوا حليفهم علي محسن وتركوه يواجه مصيره منفردا بالفرقة الأولى مدرع وأثبتت المعلومات لاحقا أن السعودية كانت الوحيدة التي وقفت معه، بينما حلفاؤه الذي تخلى عن صالح لأجلهم قد باعوه ولم يساعدوا حتى على تهريبه من صنعاء.

يقول المتنبي: 

"إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا‏"

على التحالف العربي إعادة تقييم تحالفهم مع إخوان اليمن قبل فوات الأوان. عمليات الاستنزاف التي حصلت للتحالف والخدمات التي قدمها الإخوان للحوثيين خلال الخمسة الأعوام الماضية ليست بقليله وسيواصل إخوان اليمن ذلك حتى يروا قياداتهم في قطر تحكم الشرق الأوسط، لأن الإخوان غير قادرين على تقديم الولاء للوطن قبل الولاء للتنظيم.

وعلى الجمهوريين في صفوف الشرعية الوقوف بحزم ضد السرطان الإخواني المندس داخل الشرعية والجيش الوطني، الفساد والخذلان والعمالة أغرقت الشرعية حتى العنق، إذا استمر الوضع كما هو عليه ستسقط الشرعية ويسقط عبدربه وسيسقط جميع من اعترف بالشرعية وسينتصر المشروع الإخواني القطري في الشرق الأوسط وتبعًا لذلك سينتصر المشروع الحوثي الإيراني في اليمن.

صمتنا كثيراً من أجل وحدة الصف الجمهوري ولكن على الجمهوريين في حزب الإصلاح أن يراجعوا أنفسهم وتصرفات قياداتهم وتحديد موقفهم إما الوقوف مع حركة الإخوان المسلمين أو الوقوف مع الجمهورية اليمنية، لأن أولويات الإخوان للآن كما بدت تكمن في إنهاك التحالف لخدمة المشروع الإخواني القطري ولو على حساب دمار اليمن والصف الجمهوري، وأولويات الجمهوريين واضحة تكمن في قتال الحوثيين واستعادة النظام الجمهوري، فإما أن تكونوا في صف الجمهوريين لاستعادة النظام الجمهوري أو في صف حركة الإخوان المسلمين لتسليم الحوثيين ما تبقى من المناطق التي انهارت فيها دماء الجمهوريين لتحريرها، ولكم في نهم وحجور أقرب الأمثلة.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك