كأني رأيت الدمع في عينيك يا صالح

السياسية - Sunday 01 December 2019 الساعة 03:38 pm
نيوزيمن، كتب/عبدالناصر مجلي:

كأني رأيت الدمع في عينيك

فهل أبكوك فبكيت عليهم!!

قالوا بانك قد قتلت

وقد شبعت موتا

فلماذا إذن نراك في كل مكان

تنادينا

ضاحكا تارة

وحزينا تارة اخرى.

نحن فعلا نفتقدك

نحن الذين لم تكن تعرفهم لكنهم عرفوك

وساروا بعدك وصدقوك

كان بيننا وبينك عهد لكنك نقضته برحيلك

ولم تشاورنا في الأمر

قلت إن ذلك كان من أجلنا

لكنك لم تخبرنا بما كنت تراه

وقررت المخاطرة بنفسك لتنقذنا

وقد فعلت لكن بثمن باهظ هو رأسك

لتفدي رؤوسنا كلنا.

أنت تعلم يا صالح بأني لم أكن من مريديك

فلماذ افتقدك كل هذا الفقد

لماذا بكيت عليك مع أنني بالكاد أعرفك..

ليس وحدي بل السواد الأعظم من شعب سبأ

أنت لم تكن نبيا،

ولاقديسا،

كنت فقط واحداً منا

موظف في رئاسة الجمهورية

بوظيفة رئيس يصطبح كدم وفول مع قلص شاي

هل تصدق بأننا نفتقد حتى أخطائك

ونفتقد هنجمتك ونخيطك وغضبك

ونفتقد مشيتك المليئة بالخيلاء والزنط

ليس لأننا عبيد، حاشانا. ولكن لأنك كنت تشبهنا ونحن نشبهك

لم نكن معجبين بك بل بأنفسنا فيك

كان فيك كل ما فينا من شجاعة ونبل وكرامة وكرمة

....ورجولة وفروسية وفسالة وحماقة وتسرع وحكمة

كان اسمك علي عبدالله صالح كما لو كان اسم كل واحد فينا

وكنا نحن فيك كما لو كنت أحدنا وليس آخر.

عاتب عليك لأنك لم تنتبه لتحذيري

وغاضب منك لأنك لم تصدقني

إلا بعد أن أُحيط بك من كل جانب

لم نردك أن تسقط لأننا سنسقط بعدك

وقد سقطت فسقطنا جميعا معك.

والآن يا صالح ماذا علينا أن نفعل

أي الطريق بعدك نسلك وكلها شائكة وملغومة.

يا صالح ما كان ينبغي لك أن تهادن التتار

يا صالح ما كان لك أن تنحني للعاصفة التي صنعتها بيديك

يا صالح ما كان ينبغي لك أن تترجل وترحل بعيداً

وتتركنا وحدنا أمام الطوفان..

يا صالح...!

هل أرثيك الآن في ذكرى رحيلك الثانية؟

نعم أرثيك لكنني لا أرثي أنفسنا لأننا قد وقفنا بعدك

ولن ننكسر ثانية

ولن ننحني ثانية

ولن نهزم ثانية

علمتنا المرارات بأن الصبر حكمة وأن الغضب آخر العلاج

كلهم قومنا

كلهم أهلنا

كلهم ناسنا

لكن بعضهم بغى علينا

لكن بعضم خان عهودنا

لكن بعضهم عصف ببيتنا

رغم تحذيرنا لهم أن لا يفعلوا لكنهم فعلوا.

لقد استرحت يا صالح لكننا بعدك لم نسترح

ليس لفراقك فقد رحلت واقفاً كما يليق بفارس مثلك أن يرحل

بل لأننا حتى الآن لم نخطُ الخطوة المثلى بعد

باتجاه آخر النفق المظلم الذي يحتوينا.

عامان مرا على رحيلك

ونحن نفتقدك كأب غادر فجأة

دون أن يودع أبناءه كما يليق بهم وبه.

ولا تزال روحك تحلق حولنا نكاد نراها ونلمسها

كما لو أن شريطا سينمائيا يمر أمامنا لقطة لقطة

لقد باغتنا رحيلك وشلنا ولم ندر حينها ماذا نفعل

لكننا ندري الآن

ونعلم الآن

ونتحرك الآن

باتجاه السلام المنشود الذي طالما

ناديت به فلم يستمع إليك أحد إلا نحن

فوداعاً صالح

أيها الفارس اليماني العنيد

الذي لا نظير له

وشكراً لك ولموتك الذي بعون الله أحيانا

وفتح أبصارنا على أهوال لم نكن ندريها

شكرا لك حيا وميتا وشهيدا

والسلام عليك

يا آخر الفرسان الكبار

الذي نفتقده في كل ساعة

وفي كل حين!!

* صفحة الأديب والإعلامي عبدالناصر مجلي على فيسبوك