التعليم في عهد الحوثي.. نهب مرتبات وتسييس ومذهبية وسوق سوداء استثمارية

متفرقات - Monday 07 October 2019 الساعة 09:41 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تشهد عملية التعليم في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية عملية تجريف وتسييس مذهبي غير مسبوق تصاعدت حدته في العامين الأخيرين.

ومع انطلاق العام الدراسي الجديد صعدت مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، من وتيرة هيمنتها وسيطرتها المطلقة على مؤسسات التعليم وفرض رؤاها وأفكارها من جهة، ومن جهة أخرى إقصاء الكوادر التربوية والتعليمية وتعيين عناصرها وقياداتها ذات التوجه المذهبي الأحادي في مدارس العاصمة.

إجراءات لطرد المعلمين تمهيداً لتعيين عناصرها

لم تكتف مليشيات الحوثي بإجراءات الإقصاءات التي نفذتها في الفترة الماضية، حيث عينت المئات من عناصرها بديلاً عن الكوادر التربوية سواءً على مستوى وزارة التربية والتعليم أو على مستوى مديري مكاتبها في العاصمة والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، ثم على مستوى المديريات والمناطق التعليمية داخلها وصولاً إلى مديري المدارس، بل عمدت إلى انتهاج سياسة إرغام المعلمين على القيام بعملهم دون صرف مرتباتهم وإجبارهم على حضور دوراتها المذهبية والفعاليات الخاصة بها.

ومنذ بداية العام الجاري أصدرت قيادة المليشيات الحوثية في وزارة التربية والتعليم، التي يديرها شقيق زعيم المليشيات يحيى بدر الدين الحوثي، تعليمات إلى المدارس الحكومية يقضي بمنع أي معلم في المدارس الحكومية من مزاولة المهنة في المدارس الأهلية والخاصة، وهددتهم بأنها ستتخذ إجراءات بفصل أي معلم من الوظيفة العامة وإلغاء درجته الوظيفية في حال قام بالتدريس في أي مدرسة خاصة أو أهلية، وإحلال بديل عنه.

التعليمات قضت بفرض غرامات مالية على أي مدرسة خاصة أو أهلية تسمح لأي معلم في مدرسة حكومية بالعمل عندها، والتهديد بإغلاق هذه المدارس نهائياً.

وكان معظم المعلمين في المدارس الحكومية في العاصمة صنعاء، ونظراً لعدم صرف المليشيات مرتبات لهم، يلجأون لتعويض ذلك بالتدريس في مدارس خاصة في الفترة المسائية أو الصباحية، لكن الإجراءات الأخيرة للمليشيات ستحرمهم تماماً من الحصول على أي مصادر رزق كانوا يعتمدون عليها في إعالة أسرهم.

وقال محمد، وهو مدرس مادة الرياضيات في مدرسة حكومية، إن هذا الإجراء كان يتطلب أن تلتزم مليشيات الحوثي بتوفير مرتبات المعلمين العاملين في المدارس الحكومية على الأقل في العاصمة صنعاء، لكن تعمدها منعهم من التدريس في فترة ثانية في مدرسة خاصة وفي الوقت نفسه عدم صرف مرتباتهم يمثل عملية تجويع ممنهجة ضدهم.

وأضاف محمد لنيوزيمن، على الأقل كان على مليشيات الحوثي الضغط والمطالبة بإلزام حكومة هادي بصرف مرتبات المعلمين في العاصمة ومناطق سيطرة الحوثيين أسوة بما هو حاصل في تعز وعدن وغيرهما، وأيضا أسوة بسلك القضاة وأساتذة الجامعات وموظفي القطاع الصحي الذين يتسلمون مرتبات من حكومة هادي وهم في مناطق سيطرة المليشيات والتي بإمكانها الضغط بذلك كما تستخدم أساليب الضغط للمطالبة بإدخال المشتقات النفطية الخاصة بقياداتها وتستخدم لذلك كل أساليب ووسائل الابتزاز والمساومة.

مذهبة وحوثنة المدارس الحكومية

منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة عمدت مليشيات الحوثي إلى التغلغل في مؤسسات التعليم وتحويلها إلى مؤسسات تسعى من خلالها لنشر مشروعها المذهبي والعنصري وفكرها السياسي الموالي والتابع لإيران عبر عملية تعديل المناهج، ثم السيطرة على المدارس وتحويلها إلى مؤسسات لنشر أفكارها ورؤاها المذهبية.

وتشهد المدارس الحكومية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات فرضا إجباريا لمنهج المليشيات المذهبي، حيث يرغم الطلاب على الاحتفال بالمناسبات المذهبية الخاصة بالمليشيات مثل يوم الولاية، ويوم استشهاد الحسين وغيرهما، وقد شهدت مدارس العاصمة الحكومية إقامة فعاليات احتفالية بهذه المناسبات بإشراف قيادات المليشيات الحوثية.

وعلى الرغم من أن كثيراً من المعلمين والطلاب يقاومون سياسات المليشيات في فرض أفكارها إلا أن الأخيرة عمدت إلى استخدام أساليب التهديد ضدهم، وقال أبو محمد، وهو ولي أمر لثلاثة طلاب يدرسون في إحدى المدارس الحكومية بمديرية معين، إن أولاده (بنتان وولد) أرغموا على حضور احتفالات المليشيات الحوثية بما يسمونه استشهاد الحسين وترديد صرخة الحوثيين بالقوة، حيث هددهم المدرسون الحوثيون بالرسوب في حال رفضهم أو تغيبهم عن هذه الفعالية.

وأضاف لنيوزيمن: إن معلمي المدرسة التي يدرس فيها أولاده أرغموا الطلاب على تقديم إذاعة مدرسية تتحدث عن الحسين واستشهاده، وتعتبر المليشيات الحوثية هم أحفاده ويجب اتباعهم، وأن المعلمين أرغموا الطلاب على ترديد صرخة المليشيات بدلاً عن النشيد الوطني.

الكتاب المدرسي.. سوق سوداء أخرى للمليشيات

على الرغم من أن عملية التسجيل وصرف الكتاب المدرسي في المدارس الحكومية هي عملية مجانية نص عليها دستور الجمهورية اليمنية، إلا أن مليشيات الحوثي عمدت إلى إلغاء مجانية التعليم وفرض رسوم على الطلاب مع بداية العام الدراسي، حيث فرضت مبلغ 1250 ريالاً على كل طالب يتم تسجيله في التعليم الأساسي والثانوي، ومبلغ ألف ريال يتم دفعها من قبل كل طالب شهرياً لإدارات المدارس وبشكل إجباري وفي بداية كل شهر، لكن أولياء الأمور فوجئوا بمسؤولي المدارس الحكومية في العاصمة يطلبون من أبنائهم شراء الكتب المدرسية من السوق بحجة عدم صرفها لهم من الوزارة.

وقال عامر صالح، إن مليشيات الحوثي حولت الكتاب المدرسي إلى سوق سوداء يشبه السوق السوداء للغاز والنفط التي تستثمرها المليشيات الحوثية ماليا، موضحا أن إدارة المدرسة التي يدرس فيها أبناؤه طلبت منهم شراء الكتب من السوق بحجة عدم حصولها على الكتب من الوزارة.

وأضاف عامر لنيوزيمن: إن إحدى بناته، وهي طالبة في الصف التاسع، كلفت من قبل إحدى مدرساتها بتنظيف بدروم المدرسة الذي يستخدم مخزناً كنوع من العقاب لها، وأن ابنته فوجئت بأن هذا المخزن يمتلئ بالكتب المدرسية وبعضها بطبعة جديدة لهذا العام.

وتساءل: كيف يمتنعون عن صرف الكتب للطلاب وهم يكدسونها في مخازن المدارس؟ إلا إذا كانوا هم من يقومون ببيعها عبر السوق السوداء، وهذا أمر متوقع من هذه المليشيات!

وعمدت وزارة التربية، التي يديرها شقيق زعيم المليشيات الحوثية، إلى تحويل مطابع الكتاب المدرسي إلى وسيلة استثمارية مالية لصالح المليشيات، حيث قامت هذا العام بطباعة كتب مدرسية خاصة بالمدارس الأهلية والخاصة وبيعها عليهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، فيما امتنعت عن توزيع هذه الكتب على المدارس الحكومية.

وحسب إحدى مديرات المدارس الخاصة في العاصمة، فإن مليشيات الحوثي فرضت عليهم دفع مبالغ مالية أكبر من قيمة طباعة الكتب المدرسية التي تطبعها في مطابع الكتاب المدرسي المملوكة للدولة.

وأضافت لنيوزيمن: أعمل في التعليم الأهلي منذ ثلاثين عاماً، ولم يحدث أن دفعنا قيمة الكتب المدرسية بنفس هذه المبالغ إلا في أيام المليشيات الحوثية، وهو الأمر الذي فرض علينا رفع قيمة الكتب على الطلاب.