الأدوية في اليمن.. أزمة موت وتجارة لا ترحم

تقارير - Wednesday 16 May 2018 الساعة 12:13 pm
جلال محمد، نيوزيمن، تقرير خاص:

ارتفعت معاناة المواطن اليمني بشكل ملحوظ مع تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية، في ظل سلطة الأمر الواقع المتمثلة بميليشيا الحوثي والتي بدورها ضيقت الخناق وأوقفت عملية صرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق نفوذها.

في الأثناء، يرزح المواطن تحت وطأة سلسلة أزمات متتالية، بعضها تمت معالجتها من خلال حلول ترقيعية مثل أزمة "الغاز" و"البنزين" بتسعيرة مرتفعة لـ 100 - 150%.

بيد أن أزمة ارتفاع الأسعار في ازدياد يومي، خاصة مع فرض ميليشيا الحوثي الإتاوات المالية على التجار وابتزازهم تحت مسميات عدة ولا يهمها أن يضيف التاجر تلك المبالغ على كاهل المواطن.

الدواء.. أزمة موت

تشهد الأدوية ارتفاعا جنونيا في الأسعار لغالبية الأصناف خصوصاً تلك المستهلكة باستمرار، كعلاجات الأمراض المزمنة أو مستلزمات الأطفال، وفتحت ميليشيا الحوثي المجال للمحسوبين عليها باستيراد الأصناف الرديئة من "إيران".

ويمثل رفع أسعار الأدوية جريمة إنسانية تنفذ ضد المواطن اليمني خصوصاً في ظل توقف صرف المرتبات.

في إحدى صيدليات صنعاء يتزاحم المواطنون في الدخول والخروج، يحملون (روشتة) تحمل اسما لدواء معين.

وصل أحد المرضى ومد وصفة دوائه وبدأ يتساءل عن السعر، لكن الصيدلاني نظر له وهو يهز رأسه أسفاً بأن هذا الدواء غير متوفر لديهم. استمر هذا الحال لأكثر من ساعة في الصيدلية حيث يتوافد المرضى وأغلبهم لا يجدون الدواء الموصوف لهم.

وبسؤال محرر "نيوزيمن"، لأحد ملاك الصيدليات بصنعاء عن أسباب عدم توفر بعض الأدوية، يرد: "الأصناف الأصلية زادت أسعارها بشكل جنوني، حتى في مستلزمات الأطفال ارتفعت أسعار بعض المراهم وأدوية الحمى إلى 100%، بسبب ما يتحمله الوكلاء من مبالغ مالية تدفع بصورة غير قانونية. يضيف: لذا يقوم الوكلاء بتحميل الزبائن".

وخلال الحديث كان الصيدلاني يعتذر لبعض المرضى خصوصاً ذوي الأمراض المزمنة لعدم توفر الأدوية الضرورية وتكرر هذا المشهد مع أكثر من خمسة أشخاص.

مشاهد من داخل الصيدليات

“محمد خالد” والدته مريضة في أحد المستشفيات تعاني من مرض مزمن، يقول، لنيوز يمن"، إنه ذهب إلى أغلب الصيدليات في العاصمة صنعاء فكان ينصدم بالسعر الذي لا يستطيع أن يتحمله في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار.
يضيف: "يعلم الله، لقد بعنا أغلب ما لدينا وتدينا حق الناس والعلاج لابد أن يكون مضمونا، أما البديل فيقول الدكتور أنه لا أثر فعال له، خصوصاً وأن هناك شركات جديدة أول مرة نسمع عنها، ولذا يتحملون كل شيء لشراء العلاج أياً كان سعره لإنقاذ والدتهم".

“بدر أحمد” أعطى الروشتة إلى الصيدلانية، فترد أن هذا الدواء في صيدلية (...) فقط.
يجلس بدر خارج الصيدلية بالقرب من أخته وكانت ملامح وجه تشير إلى الاستياء من الوضع.. تقدمنا منهما لكي نعرف ماذا قالت له الصيدلانية، ابتسما لنا ابتسامة استياء وردد “رامي”: (ما باقي إلا يقولوا لنا خلوا مريضكم يموت).
يقولان إن والدتهما مريضة تعاني من الضغط المرتفع بشكل دائم، ألزمهم الطبيب بأن يأتوا بهذا الدواء، وأشار إلى الروشتة، لكنه مرتفع الثمن، فقد ارتفع سعره 150% خلال أقل من عام وليس من السهولة أن تجده بسهولة في الصيدليات، فهناك احتكار على ما يبدو.

حديث الصيدلانيين

لماذا الارتفاع الكبير في سعر الدواء؟
سؤال طرحه "نيوزيمن"، على صيدلانيين في صنعاء، وكذا عن الأسباب التي أدت إلى ذلك وشح الأدوية "الأصلية".

يجيب الصيدلاني “عبد الله” بالقول: "أولاً ارتفاع سعر الصرف في العملة الأجنبة، خاصة الدولار، بالإضافة للإتاوات التي تفرض على الوكلاء، تحت مسميات عدة.. جمارك مكررة، ومجهود حربي، ويوم الشهيد، ودعم الجبهات بالعلاج، وهذا كله شكل عبئا كبيرا على الوكيل، مما جعله يرفع في سعر الصنف أضعافا مضاعفه.
وتابع: "وبعض الوكلاء أصبح يستورد كميات صغيرة بما لا يفي بحاجه السوق، وكذلك تأخر الشحنات الطبية في الأردن ومختلف المحطات المسموح بها للفحص، ونحن ليس بيدنا شيء سوى أن نبيع بهذه الأسعار المتقلبة اسبوعياً أو أن نقول: ليس متوفراً حالياً". 
وواصل حديثه ونبرات صوته تعلو شيئاً فشيئاً قائلاً: (نحن نتألم قبل ألم المريض لأننا في حالة عجز)..

أما الصيدلاني “وليد علي” فذكر في حديثه أن هنالك ارتفاعاً كبيراً في بعض الأدوية خاصة أدوية الأطفال من "حليب، مراهم، المضادات الحيوية والفيتامينات"، بالإضافة للمستلزمات الصحية "الحفاظات" حيث ارتفع سعر الحليب بما يقارب "70%". وضاف، إن اختلاف الأسعار يرجع إلى قائمة أسعار الشركات التي تستورد الدواء.

وتقول إحدى الصيدلانيات، إن "الأدوية التي شهدت ارتفاعاً هائلاً هي أدوية أمراض السكري والضغط والقلب ومستلزمات الأطفال من غذاء وحليب وأدوية مهمة أخرى مثل أدوية أمراض الكلى والأمراض المزمنة التي يحتاجها المريض، مضيفة إنهم يعانون من ضجيج المواطنين حول هذا الارتفاع الجنوني في العلاجات (الوكالة) بالإضافة لارتفاع نسبي في أسعار العلاجات البديلة.