مصرع الطبطبائي يربك الحوثيين.. القيادات تقلل الظهور العلني خشية ضربات إسرائيلية

السياسية - منذ ساعة و 45 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في أعقاب الغارة الجوية التي استهدفت القيادي البارز في حزب الله اللبناني هيثم علي الطبطبائي المعروف بـ "أبو علي" في الضاحية الجنوبية لبيروت، تقلّصت بشكل ملحوظ تحركات وظهور القيادات الحوثية في اليمن، وسط مخاوف متزايدة من تعرضها لضربات مماثلة. 

وتعكس هذه التحركات الحذر الشديد للجماعة الحوثية بعد فقدانهم أحد الداعمين الأساسيين من حزب الله، والذي لعب دورًا مهمًا في بناء قدرات الجماعة اليمنية على الصعيد العسكري واللوجستي.

والطبطبائي وصل إلى اليمن في عام 2016 بالتنسيق مع ضباط من فيلق القدس الإيراني، وأسهم في تأسيس منظومة الحماية الشخصية لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي. كما درّب وحدات خاصة في صفوف الجماعة وساهم في تطوير قدراتها التكتيكية واللوجستية حتى عام 2020، وفق معهد "ألما" الإسرائيلي، ما يعكس البعد الأمني والاستراتيجي لتعاون حزب الله مع الحرس الثوري الإيراني لدعم الحوثيين.

مصادر محلية أكدت اختفاء قيادات المجلس الانقلابي الحاكم في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، بما في ذلك أعضاء الحكومة غير المعترف بها، باستثناء سلطان السامعي الذي ظهر مؤخرًا في مناسبة اجتماعية. كما أُخفي مقر مجلس الحكم والمكاتب التابعة له، وتوقّف الوزراء عن الدوام خشية الاستهداف بعد غارات إسرائيلية استهدفت أبرز قادة الجماعة.

القائم بأعمال رئيس حكومة الحوثيين محمد مفتاح يعمل من مكان مجهول، ويتلقى القرارات الرسمية عبر مندوب خاص، في حين غاب عن الأنظار وزير الدفاع محمد العاطفي ووزير الداخلية عبد الكريم الحوثي، وسط فرض تعتيم كامل على مصيرهم. 

وأصبحت السلطات الفعلية للقرارات تتركز في مكتب رئاسة الجمهورية الذي يديره أحمد حامد المعروف بأبو محفوظ، بينما يقتصر دور مهدي المشاط على توقيع المذكرات الواردة من أجهزة الاستخبارات.

وأُعيد ترتيب أجهزة المخابرات الحوثية بمشاركة الجنرال الإيراني عبد الرضا شهلائي للإشراف على العمليات وضمان استقرار الجماعة الداخلية. وتوزعت صلاحيات الوزراء القتلى على حامد ومفتاح، بينما تم توسيع صلاحيات وكلائهم لضمان السيطرة على مؤسسات حيوية داخل الهيكل السري للجماعة.

وتشير المؤشرات الأخيرة إلى استعداد إسرائيل للانتقال من إدارة مواجهة محدودة إلى صراع متعدد الجبهات يشمل الحوثيين في اليمن و"حزب الله" في لبنان، كجزء من استراتيجية ردع إقليمي أوسع. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات علنية تهديده للجماعتين، مشيرًا إلى استعداد إسرائيل "للتحرك بقوة" لمنع تحولهما إلى تهديد إقليمي متجدد، وفق تقرير صحيفة فايننشال تايمز.

وخلال الأشهر الماضية، شنت إسرائيل ضربات جوية على منشآت الحوثيين في اليمن لتقويض قدراتهم الصاروخية ومنع تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر. ورغم ذلك، يرى خبراء من معهد تشاتام هاوس أن الضربات وحدها قد لا تكون كافية، بالنظر إلى الطبيعة غير المركزية للقوة الحوثية والقدرات الصاروخية المتجذرة لحزب الله.

التحليلات الغربية تشير إلى أن إسرائيل قد تتبنى استراتيجية مزدوجة: ضرب قدرات الحوثيين وحزب الله لتقويض محور المقاومة الإيراني، وإرسال رسالة ردع قوية لأعدائها الإقليميين. وتشمل السيناريوهات المحتملة، حملة واسعة في لبنان واليمن، لكنها تحمل مخاطر عسكرية ومالية كبيرة، حملة استهداف استراتيجية تعتمد على ضربات دقيقة بعيدة المدى لتحقيق أقصى تأثير بأقل تكلفة، وردع رمزي عبر التهديد المستمر والعمليات المحدودة، لبناء ردع فعال دون صراع مفتوح طويل الأمد.

ويرى الخبراء أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على دقة الاستخبارات، ومهارة تنفيذ الضربات، والتحكم في ردود الفعل الإقليمية والدولية. وتشير التقديرات إلى أن التحرك الإسرائيلي يهدف إلى الحفاظ على خيارات واسعة للتأثير الاستراتيجي دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة قد تكون مكلفة للغاية.

وتظل القيادات الحوثية في وضع حذر للغاية بعد استهداف الطبطبائي في لبنان، مع تغييرات كبيرة في هيكل السلطة وأجهزة المخابرات لتأمين الحماية. في الوقت نفسه، تستمر إسرائيل في تكثيف الضربات والتهديدات الاستراتيجية، في إطار محاولة لاحتواء التهديدات الإيرانية عبر وكلائها في اليمن ولبنان، وسط توقعات بتصعيد دقيق بعيدًا عن مواجهة شاملة.