سياحة الحروب.. الحوثيون يفتعلون المعارك للهروب من مجاعة الداخل
السياسية - Monday 03 November 2025 الساعة 06:49 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:
تواصل ميليشيا الحوثي الإيرانية تصعيدها العسكري في عدد من الجبهات الداخلية، في مشهد يراه مراقبون انعكاسًا لأزمة داخلية خانقة تحاصر الجماعة في مناطق سيطرتها. فبدلاً من معالجة الأزمات المعيشية، تلجأ الميليشيا إلى "سياحة الحروب" وإشعال الجبهات لتضليل الرأي العام والتغطية على فشلها في إدارة المناطق الخاضعة لها.
ويأتي هذا التصعيد رغم التفاؤل الشعبي الذي أعقب وقف إطلاق النار في البحر الأحمر واتفاق التهدئة في غزة، إذ سرعان ما أعادت الميليشيا تحريك جبهات القتال، بالتزامن مع استمرار قمع الأصوات المطالبة بالمرتبات المتوقفة منذ نحو عشر سنوات.
وفي موازاة التصعيد العسكري، كشف برنامج الغذاء العالمي عن تدهور حاد في مستويات الأمن الغذائي في عدد من المناطق اليمنية خلال الربع الثالث من عام 2025، خصوصاً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأوضح التقرير أن 12 مديرية شهدت ارتفاعًا مقلقًا في معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد، منها عبس وكشر في حجة، والعشة وصوير في عمران، والزهرة وحيس بالحديدة، والظاهر في صعدة، وخب والشعف بالجوف، إلى جانب المخا في تعز ومدينة مأرب.
وسجّلت مديرية عبس الزيادة الأعلى بنسبة 18 نقطة مئوية مقارنة بالربع السابق، بينما حذر التقرير من أن الوضع لا يزال "مقلقاً للغاية" في مديريتي عبس والزهرة اللتين تحولتَا إلى بؤر ساخنة للجوع في اليمن. وأشار البرنامج إلى أن الفيضانات المتكررة وغياب المساعدات الإنسانية فاقما من الأزمة، بينما ساعد موسم الحصاد وتحسّن فرص العمل الزراعي في بعض المناطق الأخرى في التخفيف الجزئي من المعاناة.
ويروي عمر، وهو موظف حكومي في صنعاء، واقع الحياة تحت حكم الحوثيين قائلاً: "يتحدث قادتهم في خطبهم ومساجدهم عن هزيمة أمريكا وإسرائيل، بينما بطون المواطنين خاوية بسبب نهب المرتبات وفرض الجبايات والإتاوات. مضيفًا: "الجوع يلتهم حياة الناس، وهم يختبئون خلف شعارات المقاومة والحروب المصطنعة".
ويضيف عمر أن الحديث عن "المنجزات" في ظل مجتمع يعاني الجوع والفقر والبطالة هو "استهزاء بمعاناة الناس"، مؤكداً أنه لا يمكن لأي سلطة أن تدّعي السيادة وهي تعجز عن إطعام شعبها أو تأمين رواتب موظفيها.
وللعام العاشر على التوالي، تواصل ميليشيا الحوثي حرمان الموظفين اليمنيين من مرتباتهم، بالتزامن مع فرض جبايات وإتاوات مالية ضخمة تحت ذرائع دينية وطائفية، تُحوّل في النهاية لتمويل المجهود الحربي ومكاسب قادة الجماعة. ويرى خبراء اقتصاديون أن سياسة الحرمان المالي ليست عجزاً بل استراتيجية ممنهجة للسيطرة على المجتمع، إذ تُستخدم المرتبات كأداة إخضاع وضمان ولاء إداري وسياسي.
وترافق الأزمة الاقتصادية حملات قمع واعتقال واسعة بحق المعلمين والناشطين والمواطنين الذين يطالبون بصرف مرتباتهم أو ينتقدون الفساد. حيث تلجأ الميليشيا إلى اتهام معارضيها بـ"الخيانة والعمالة"، في محاولة لإسكات الأصوات المعارضة، بينما يعيش ملايين اليمنيين في ظروف معيشية مأساوية تحت وطأة الجوع وغياب الخدمات الأساسية.
ويؤكد مراقبون أن الميليشيا تفتعل الحروب لتجنب الاحتجاجات الشعبية المطالبة بصرف الرواتب وتحسين المعيشة، لتبقى الحرب وسيلة لقمع الداخل لا لمواجهة الخارج. مضيفين أن الحوثيين يستخدمون الحرب كأداة سياسية للهروب من أزماتهم الداخلية، لا كخيار دفاعي. فكلما اشتدت الضغوط المعيشية، لجأت الجماعة إلى إشعال الجبهات وافتعال الأزمات لتشتيت الانتباه وإعادة إنتاج خطابها التعبوي. لكن في المقابل، يزداد الجوع اتساعاً، ويغرق ملايين اليمنيين في دوامة الفقر والحرمان، بينما تستمر الجماعة في جمع الأموال والجبايات تحت لافتة "الصمود" و"المواجهة".
>
