عدن تحذر من مزادات الحوثي غير القانونية وتمويل الإرهاب

السياسية - منذ ساعتان و 46 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن:

تتزايد في الآونة الأخيرة إعلانات ميليشيا الحوثي الإيرانية في صنعاء عن مزادات علنية لبيع عقارات وأصول تقدمها الجماعة بوصفها "ممتلكات مُصادرة"، بينها أصول بنوك وانتقالات عقارية تابعة لبنوك تجارية يمنية وشخصيات رسمية بارزة، من بينها قطعتي أرض تُنسبان للرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي. 

ويقرأ مراقبون هذه التحركات على أنها دليل على ضائقة مالية حادة تعانيها الميليشيا، ومحاولة لتعويض خسائرها نتيجة تراجع مصادر تمويلها نتيجة العقوبات والضغوط الدولية والعمليات العسكرية التي طالت بنى تحتية حيوية مثل ميناء الحديدة. 

مزادات غير شرعية 

نشرت وسائل إعلام خاضعة لسيطرة الحوثيين، ومنها صحيفة "الثورة" الرسمية في صنعاء، إعلانات لمزادين علنيين في شارع الستين غرب صنعاء المختطفة، تتضمن أصول بنك التضامن الإسلامي وقطعة أرض أخرى تابعة للرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي. وبحسب تفاصيل المزاد قطعة أرض بمساحة إجمالية تبلغ نحو 21 ألف متر مربع، بلغت القيمة المعروضة لأحد المزادين أكثر من 5.58 مليار ريال يمني (ما يقارب 10.43 مليون دولار وفق أسعار الصرف المعلنة في مصادر المزاد المحلية). وظهرت الإعلانات على أنها قرارات صادرة عن جهات قضائية ومؤسسات تسيطر عليها الجماعة. 

ويشار إلى أن محاكم وجهاز قضائيًا جزائيًا مُشكلًا تحت سيطرة الحوثيين سبق أن أصدر في 2019 قرارات بحجز أموال وعقارات مُنحَاة إلى الرئيس السابق وقيادات حكومية، بتهم اتهامية بينها "الخيانة والتخابر"، وهي ممارسات تُستدعى الآن لتنفيذ عملية تحويل الأصول وطرحها للبيع، وفق ما تذكر سجلات محلية وخطوات تنفيذية من جانب جهات الحوثي القضائية. 

وتأتي هذه المزادات في وقت تصاعدت فيه الإجراءات الدولية الرامية إلى استهداف شبكات تمويل الحوثي وكيانات مرتبطة به، حيث فرضت الولايات المتحدة جولات عقوبات متكررة شملت أفراداً وكيانات وشركات وشحنات نفط بحجة قطع تمويل الجماعة والحدّ من تهريب النفط والسلع، كما شهدت مناطق سيطرة الحوثيين ضربات جوية واستهدافات للموانئ، لا سيما ميناء الحديدة، في هجمات أعلنت بعض وسائل الإعلام أنها إسرائيلية أو أمريكية، ما أضرّ بنشاط التجارة عبر الميناء وأضعف دخلاً مهماً كان يَرتَّب عليه النظام الواقع تحت سيطرة الجماعة. ويقول خبراء إن هذه التطورات أدت إلى ضغوط مالية مباشرة على الحوثيين وعجلت بحثهم عن موارد بديلة. 

مزادات باطلة

بدوره حذر البنك المركزي اليمني في عدن المواطنين والمؤسسات من التورط في أي عمليات مزاد أو صفقات تتعلق بعقارات ومنقولات للبنوك تُدار عبر جهات غير مخولة، مشيراً صراحة إلى أن المزاد المُعلن من قبل "المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة" التابعة لسلطات الحوثيين في صنعاء والمزمع عقده في حي الستين يوم الأحد 16 نوفمبر 2025 باطل وغير قانوني، وأن أي عقود أو صفقات تصدر عنه لا تُعتد بها قانونياً. كما نبه المركزي إلى أن المشاركة قد تُعرّض أصحابها لفقدان حقوقهم ومساءلة جنائية ومدرجات عقوبات محلية ودولية بسبب التعامل مع كيانات مصنفة إرهابية. 

ودعا المركزي إلى "الامتناع عن أي تصرفات غير قانونية" حفاظاً على الحقوق القانونية والمادية للأفراد والجهات، مؤكداً أن إدارة أصول البنوك وممتلكاتها يخضع لإجراءات قضائية ورقابية معترف بها في الحكومة الشرعية ومؤسساتها في عدن. 

يرى محللون أن هذه المزادات تحمل طابعاً انتقامياً وسياسياً، وصيغةً للتعويض عن خسائر حقيقية تكبدتها الجماعة، خصوصاً بعد تحويل كثير من أنشطة المصارف والتجارة إلى عدن، وتضرر نشاط ميناء الحديدة نتيجة استهدافات متكررة وفرض قيود دولية على شبكات تمويل الحوثي. وعلق المحلل الاقتصادي ماجد الداعري بأن "الحوثيين يحاولون الانتقام من البنوك التي نقلت مراكزها إلى عدن ومن جهات وشخصيات حكومية، واستعادة بعض خسائرهم المالية الكبيرة جراء تدمير موانئ الحديدة وتحويل البنوك والاستيراد إلى عدن"، محذراً من أن "أي جهة تتورط بشراء هذه الأصول تضع نفسها في دائرة اتهامات خطيرة وتصبح عرضة لعقوبات دولية لتمكينها جماعة متمردة غير شرعية ومصنفة إرهابيًا". 

هذه القراءة تؤكد أن المزادات ليست مجرد عملية اقتصادية باردة، بل أداة سياسية تُستخدم لتطويق الخصوم وإرسال رسائل داخلية وخارجية، لكنها في المقابل تفتح الباب أمام تبييض مكاسب جماعية عبر سوق سوداء ومعاملات مالية مشبوهة، بحسب مراقبين. 

تبعات محتملة

وحذّر الباحث في الشؤون الاقتصادية وحيد الفودعي من خطورة هذه التصرفات، معتبراً أن المزاد "يستند إلى سلطة جماعة انقلابية إرهابية مدرجة في قوائم الإرهاب"، وأن الأصول المعروضة "ترتبط بالحكومة الشرعية أو ببنوك نقلت مقراتها إلى عدن، ولا يمكن أن تنتج عنها حقوق نظامية للمشتري حال تم الشراء عبر مزادات غير معترف بها". وأشار الفودعي إلى أن أي تمويل أو سمسرة أو شراء بمثل هذه الآلية "لا ينشئ حقاً مشروعاً، ويعرّض الأطراف لمخاطر جسيمة وعقوبات وطنية ودولية، ويعدّ تغطية لتمويل جماعة مصنفة إرهابياً". 

وأضاف الفودعي أن التعامل مع أصول تخص بنوكاً خضعت لرقابة البنك المركزي في عدن أو لرعايتها القانونية يشكل "تمويهاً لدعم مباشر للجماعة الإرهابية"، ويجب ألا يشارك فيه أي طرف دولي أو محلي يحرص على مبدأ الشرعية وعدم التعرض للمساءلة الدولية. 

إذا ما استمر الحوثيون في عرض وبيع الأصول عبر آليات غير معترف بها، فستتوسع دائرة النزاعات القانونية حول ملكية هذه الأصول، كما قد تتراجع الثقة في السوق العقاري المصغر في المناطق المتأثرة، ويزداد التشويش على عمليات الاسترداد والمطالبات الدولية بحقوق الدولة والمودعين. أما على المستوى المالي، فتؤكد هذه التحركات أن الجماعة تواجه ضغوطاً على مواردها، ما قد يدفعها إلى مزيد من الإجراءات التي تقارب الاستيلاء على ممتلكات خاصة وعامة لتمويل أنشطتها، وهو أمر يزيد من تعقيد مسارات السلام ويعوق جهود التعافي الاقتصادي. 

ويؤكد خبراء وقانونيون أن السبيل الوحيد لتفادي فوضى الاستيلاء والبيع والصفقات المشبوهة هو مقاضاة أي معاملات تتم خارج القضاء والآليات الشرعية وتعزيز مراقبة المجتمع الدولي لعمليات نقل وبيع الأصول، إلى جانب تفعيل شبكة الحماية القانونية للمدافعين عن حقوق المودعين والمؤسسات المالية. كذلك تبقى الدعوة موجهة إلى المجتمع الدولي والإقليمي لمواصلة جهود وقف قنوات تمويل الجماعات المسلحة ومعالجة آثار ذلك على المواطن والاقتصاد الوطني.