بين ابتزازٍ واستجداءٍ للرياض.. وقف حرب غزة يُعيد الحوثي إلى نقطة الصفر

السياسية - منذ ساعة و 51 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

عاودت ميليشيا الحوثي الإرهابية إطلاق تهديداتها بمهاجمة المصالح الحيوية داخل المملكة العربية السعودية، بعد أقل من أسبوع على التوصل إلى اتفاقٍ لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

وخلال اليومين الماضيين، أطلقت عددًا من القيادات في الميليشيا المدعومة من إيران تهديداتٍ باستهداف مصالح حيوية داخل السعودية، عقب دعوةٍ وجهها رئيس المجلس السياسي للميليشيا، مهدي المشاط، إلى الرياض.

المشاط، وفي كلمةٍ بثها إعلام الميليشيا بمناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر، دعا الرياض إلى "الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام"، دون تحديد طبيعة هذه الاستحقاقات.

دعوةُ المشاط، التي خلت من أي تهديداتٍ وبدت كرسالة استجداء، برّرها بالقول إنها "لقطع المجال أمام من يستثمر في الحروب بين أبناء أمتنا خدمةً لإسرائيل".

وفي حين استخدم المشاط لغةً ناعمة لمخاطبة الرياض، سارعت قياداتٌ في الميليشيا إلى إطلاق تهديداتٍ بمهاجمة أهم المصالح الحيوية داخل السعودية، وعلى رأسها شركة "أرامكو" النفطية، كما هدد بذلك عضو المجلس السياسي للميليشيا الحوثية، حزام الأسد، في منشورٍ له على منصة "إكس".

وزعم الأسد أن الرياض تحاول، بعد عشر سنواتٍ من الحرب، "التملّص من حقوق شعبنا والمماطلة في تنفيذ التزاماتها"، متوعدًا السعودية، إذا أصرت "على العناد والمراوغة" – حسب قوله – باستهداف "أرامكو" ومدينة "نيوم"، المشروع الاستراتيجي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

في حين ضمّ زميله في المكتب السياسي للميليشيا، محمد الفرح، الإمارات إلى جانب السعودية في تهديداته، متهمًا الرياض وأبوظبي بالعمل على تأجيج السخط الشعبي ضد سلطة الميليشيا، "في محاولةٍ لصرف الأنظار عن مسؤوليتهما في استمرار الحصار والعدوان"، حسب زعمه.

وتوعّد القيادي الحوثي الفرح بـ"انتزاع واستعادة الحقوق من القوى التي دمّرت البلاد خدمةً لأجنداتٍ أمريكيةٍ وصهيونيةٍ"، وترافقت هذه التهديدات مع أخرى مماثلة صدرت عن وسائل إعلامٍ ونشطاء تابعين للميليشيا على مواقع التواصل الاجتماعي ضد السعودية ودول التحالف.

هذا التباين بين لغة الاستجداء من قبل رأس الميليشيا، ولغة التهديد والوعيد من قياداتٍ أقلّ درجة، يراه مراقبون انعكاسًا للمأزق الذي تعيشه حاليًا ميليشيا الحوثي بعد وقف الحرب في غزة، التي مثّلت لها خلال العامين الماضيين لافتةً للهروب من استحقاقات الداخل نحو التصعيد في البحر والمنطقة.

وتتمثل استحقاقات الداخل في ملف السلام ومساره، الذي عطّلته الميليشيا عبر التصعيد في البحر الأحمر، ما أدى إلى التضحية بالمكاسب التي كانت قد تحصّلت عليها ضمن ما تُسمّى بـ"خارطة الطريق"، التي أُعلن عنها من قبل المبعوث الأممي أواخر عام 2023م.

ورغم التصعيد الذي فجّرته الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران وتهديداتها للملاحة الدولية، فإن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أكد في تصريحٍ منتصف العام الماضي أن خريطة الطريق اليمنية جاهزة، معبّرًا عن أمله في أن يتم "التوقيع عليها عاجلًا"، مشددًا حينها على الحاجة إلى "الانتقال إلى حالةٍ أفضل، لأن الأوضاع في اليمن لا تزال صعبة، لا سيما على الصعيد الاقتصادي"، حسب قوله.

تمسكُ الرياض بمسار السلام قابله تعنتٌ حوثيٌّ عطّل هذا المسار عبر الاستمرار في التصعيد تحت لافتة "إسناد غزة"، ومع توقف الحرب في القطاع دون أن تحقق الميليشيا أي مكاسب عسكرية أو سياسية، وجدت نفسها اليوم أمام تحدٍّ حقيقي في التعامل مع المرحلة القادمة.

فالميليشيا تدرك أن الرياض وحدها القادرة على إلغاء الفيتو الأمريكي–الغربي المجمّد لمسار السلام في اليمن، وهو ما يفسّر لغة الاستجداء التي ظهر بها المشاط، مع محاولة التلويح بخيار الحرب كورقة ضغطٍ لا أكثر، نظرًا لفداحة الفاتورة في حال قررت الميليشيا اللجوء إلى هذا الخيار الصعب.