احتجاجات تتحول إلى عنف.. حكومة المغرب تفتح باب الحوار وتتعهد بإصلاحات
العالم - منذ ساعة و 36 دقيقة
ست ليالٍ متواصلة من الغضب الشعبي هزّت شوارع مدن مغربية عدة، بعدما انطلقت الاحتجاجات بمطالب اجتماعية مشروعة تتعلق بتحسين التعليم والصحة وضمان العدالة الاجتماعية، قبل أن تنزلق تدريجياً إلى أعمال عنف وتخريب غير مسبوقة، شملت اقتحام مراكز للشرطة وإحراق سيارات ومرافق عامة.
هذه التطورات وضعت الحكومة المغربية أمام اختبار سياسي وأمني بالغ الحساسية، وسط دعوات داخلية وخارجية لاحتواء الأزمة بالحوار والإصلاح.
رئيس الحكومة عزيز أخنوش أكد خلال اجتماع المجلس الحكومي، أن السلطات "تعلن تجاوبها مع مطالب التعبيرات الشبابية، واستعدادها للحوار والنقاش داخل المؤسسات والفضاءات العامة"، مشدداً على أن المقاربة المبنية على الحوار هي السبيل لمعالجة الإشكالات القائمة، وتسريع وتيرة تفعيل السياسات العمومية المرتبطة بالمطالب الاجتماعية.
غير أن أخنوش أقر بخطورة التصعيد خلال اليومين الماضيين، حيث شهدت بعض المناطق مواجهات دامية أدت إلى إصابة المئات من قوات الأمن والمحتجين، وتسجيل ثلاث وفيات مؤسفة.
من جانبه، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية، رشيد الخلفي، أن قوات الأمن واصلت تدخلاتها النظامية في عدد من المناطق وفق الضوابط القانونية، لكن بعض الاحتجاجات تحولت إلى تجمهرات عنيفة شارك فيها عدد كبير من القاصرين – تجاوزت نسبتهم 70% من مجموع المحتجين.
وأشار الخلفي إلى تسجيل هجمات بالسلاح الأبيض، ورشق بالحجارة، وإضرام حرائق في العجلات المطاطية، إضافة إلى محاولات خطيرة لاقتحام مقرات أمنية كما حدث في منطقة القليعة بعمالة إنزكان أيت ملول، حيث حاولت مجموعات الاستيلاء على الذخيرة والأسلحة الوظيفية، ما اضطر عناصر الدرك إلى استخدام السلاح في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، وأسفر ذلك عن سقوط ثلاثة قتلى.
أحداث ليلة الأربعاء وحدها أسفرت، وفق الداخلية، عن 354 إصابة متفاوتة الخطورة، بينها 326 من قوات الأمن، إضافة إلى أضرار لحقت بـ271 عربة أمنية و175 سيارة خاصة، وأعمال تخريب ونهب طالت أكثر من 80 مرفقاً إدارياً وصحياً وأمنياً وتجارية في 23 عمالة وإقليماً.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي أكد في مقابلة تلفزيونية أن المغرب "دولة قوية قادرة على التعامل مع الحركات الاحتجاجية بنضج سياسي"، مشيراً إلى أن التظاهر السلمي جزء من ثقافة المجتمع المغربي، لكن "الحكومة تفرق بوضوح بين الممارسة السلمية للحق الدستوري وبين الأفعال الإجرامية التي تستوجب المحاسبة".
وأضاف وهبي أن الحوار يجب أن يستمر عبر القنوات الدستورية والمدرسة والمجتمع المدني، مؤكداً أن الحكومة تتحمل مسؤولية تلبية تطلعات الشباب، وأن هذه المرحلة ليست للمزايدات السياسية بل للإنصات والعمل على الإصلاح.
وأشار الوزير إلى أن التساؤلات التي رفعها الشارع حول التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية "مشروعة"، مؤكداً أن الحكومة أخذتها بعين الاعتبار وتعمل على صياغة إصلاحات وفق جدول زمني محدد. لكنه حذّر في المقابل من مخاطر الانزلاقات المرتبطة بـ"الفضاء الرقمي غير المنضبط"، داعياً إلى حلول للتحديات التي يفرضها.
ومع استمرار الاحتجاجات وتوسعها في بعض المناطق، تبدو الأزمة مفتوحة على أكثر من سيناريو: إما نجاح الحكومة في استعادة الثقة عبر الحوار وتنفيذ إصلاحات ملموسة، أو استمرار التصعيد بما يحمله من تهديد للاستقرار الاجتماعي والسياسي. وبين هذين الاحتمالين، يبقى الشارع المغربي متعطشاً لإجابات عملية على قضاياه المعيشية الملحّة.