الحوثيون يحوّلون التعليم إلى تجارة مربحة على حساب حق الطلاب
الحوثي تحت المجهر - منذ ساعة و 38 دقيقة
في مشهد يعكس تدهور المنظومة التعليمية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، يعيش طلاب المدارس الحكومية أزمة حادة في الحصول على الكتب المدرسية، بينما تُحوَّل المطابع الحكومية الخاضعة للجماعة إلى مصانع تدر أرباحًا عبر بيع الكتب على الأرصفة بأسعار باهظة.
هذا الواقع لا يُظهر فقط فشل سلطة الحوثيين في أداء واجبها تجاه حق التعليم، بل يكشف أيضًا عن استثمار منظم لمعاناة أولياء الأمور، وتحويل المناهج الدراسية إلى سلعة تخضع لقوانين السوق السوداء.
في مديرية معين بأمانة العاصمة، تقف "أم دينا" شاهدة على حجم الأزمة. ابنتها، التي بدأت للتو عامها الدراسي الأول، انتظرت أكثر من شهر وعود إدارة المدرسة بصرف الكتب، لكن دون جدوى. في النهاية، اضطرت الأم للبحث في الأسواق الموازية، لتشتري كتبًا بأسعار مرتفعة من الأرصفة.
المفارقة التي لفتت نظرها أن الكتب لا تزال بطبعتها الحديثة، وتحمل شعار مطابع الكتاب المدرسي الخاضعة لسيطرة قيادات حوثية، في مشهد يعكس بوضوح أن هذه الكتب خرجت من المطابع إلى الشارع قبل أن تصل إلى الفصول الدراسية.
وأفادت مصادر تربوية بأن قادة الحوثيين حولوا الأرصفة في صنعاء ومدن أخرى إلى أسواق سوداء لبيع المناهج الدراسية، فيما يشتكي عشرات الآلاف من أولياء الأمور من حرمان أبنائهم من الحصول على الكتب المقررة. هذه التجارة الممنهجة، بحسب المصادر، تُدار بشكل مباشر من قيادات في قطاع التربية والتعليم، بهدف تحقيق أرباح كبيرة على حساب مستقبل الطلاب.
مصادر تربوية كشفت لـ"نيوزيمن" أن عملية التلاعب بالكتب لم تتوقف عند القيادات العليا، بل امتدت إلى إدارات المدارس نفسها، التي تستلم شحنات الكتب للمخازن، قبل أن يتم تفريغها ليلًا وإرسالها إلى السوق السوداء. ويجري ذلك تحت غطاء مبررات واهية مثل "عدم وجود ميزانيات للطباعة"، وهي حجج وُصفت بأنها "مفضوحة ومكشوفة" في ظل استمرار تدفق الطبعات الجديدة إلى الأسواق غير الرسمية.
وانتقد القاضي عرفات جعفر في تغريدة على منصة إكس قيام سلطة الحوثي بطرح الطبعة الحديثة من الكتب المدرسية للبيع على الأرصفة بدلًا من توزيعها على الطلاب، معتبرًا ذلك دليلًا على عجزها عن توفير أبسط مستلزمات التعليم.
وسخر القاضي من حقيقة ما يتم الترويج له بقدرة الجماعة على مواجهة وتحدي الدول العظمى بالقول: "نستطيع أن نواجه العالم لكن لا نستطيع توفير كتاب مدرسي لطالب". وأضاف أن الكتب المدرسية الجديدة "تُباع على الأرصفة وهي لا تزال حامية وطازجة، وكأنها وصلت إلى الرصيف قبل أن تصل إلى الطالب"، مختتمًا بالقول: "للأسف الشديد.. وكأنها طبعت للمتاجرة بها"، في إشارة إلى تنامي ظاهرة الاتجار بالمناهج الدراسية على حساب حق الطلاب في التعليم.
يرى تربويون أن استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة تعليمية، حيث يضطر أولياء الأمور إلى دفع مبالغ طائلة لتأمين الكتب، ما يزيد من معدلات التسرب المدرسي، ويقوض تكافؤ الفرص في التعليم. كما حذروا من أن تحويل المناهج إلى تجارة سوداء يرسخ الفساد في قطاع التعليم ويضع مستقبل الأجيال القادمة في مهب المجهول.