من "روبيمار" إلى "ماجيك سيز".. البحر الأحمر أمام كارثة تلوث خطيرة

السياسية - منذ 6 ساعات و 33 دقيقة
الحديدة، نيوزيمن:

 أعلنت ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، غرق سفينة الشحن "ماجيك سيز" التي كانت تبحر تحت علم ليبيريا، بعدما استهدفتها بزرواق مفخخة وصاروخ موجه في عرض البحر الأحمر، بحجة "انتهاك قرار حظر دخول الموانئ الإسرائيلية"، وفق بيان مقتضب صادر عن الميليشيات.

وأثار الإعلان موجة من القلق الواسع في الأوساط البيئية والحقوقية، نظرًا لحمولة السفينة الكبيرة من نترات الأمونيوم المقدرة بنحو 17 ألف طن، وهي مادة شديدة الخطورة يمكن أن تُحدث تلوثًا كيميائيًا واسع النطاق، إلى جانب التسبب في زيادة مفرطة في نمو الطحالب الضارة، بما يهدد التنوع البيولوجي والحياة البحرية في المنطقة.

ويأتي غرق "ماجيك سيز" ليُضاف إلى سلسلة كوارث بحرية سابقة، أبرزها غرق سفينة الأسمدة البريطانية "روبيمار" في مارس/آذار الماضي، بعد استهدافها من قبل الحوثيين في خليج عدن، وهي السفينة التي كانت تحمل ما يقارب 41 ألف طن متري من الأسمدة والزيوت الصناعية المصنفة ضمن المواد شديدة الخطورة (فئة 5.1). كما سبقت الحادثة أيضا كارثة ناقلة الفحم اليونانية "توتور"، التي غرقت في يونيو/حزيران 2024. 

ومع توالي هذه الحوادث، تؤكد الوقائع أن الجماعة الحوثية باتت تستخدم المياه الإقليمية اليمنية كساحة مفتوحة لحروبها بالوكالة، دون اكتراث بالأثر الكارثي على البيئة البحرية أو مصادر رزق ملايين اليمنيين.

يرى ناشطون بيئيون في محافظة الحديدة أن كارثة "ماجيك سيز" جريمة بيئية ممنهجة تتحمل مسؤوليتها الميليشيات الحوثية أولًا، والمجتمع الدولي ثانيًا، الذي وصفوه بـ"المتواطئ بالصمت". وقالوا إن الميليشيات تستغل التراخي الدولي للاستمرار في استهداف السفن التجارية وناقلات النفط، رغم علمها المسبق بخطورة المواد المنقولة وتأثيرها المدمر على البحر الأحمر ومحيطه البيئي.

غرق السفن المحملة بمواد كيميائية خطيرة لا يهدد فقط التنوع البحري، بل يُنذر بعواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة، حيث أن عشرات آلاف الصيادين في اليمن ومحيط البحر الأحمر قد يفقدون مصادر رزقهم بسبب التلوث، في وقت يعاني فيه اليمن من أزمة معيشية خانقة.

وحذّر النشطاء من أن البحر الأحمر قد يحتاج لأكثر من 30 عامًا للتعافي من آثار غرق سفينة "روبيمار" فقط، مؤكدين أن الكارثة البيئية التي ألحقتها كانت "الأشد منذ عقود". وأضافوا أن الحادث الجديد مع سفينة "ماجيك سيز" يُنذر بتفاقم الوضع البيئي بشكل لا يمكن احتواؤه، بما قد يؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية، وانقراض أنواع بحرية نادرة، وتوقف سلاسل الإمداد الغذائي والوقودي في دول الإقليم.

وسط هذا التصعيد الخطير، تتعالى الأصوات المطالِبة بتحرك دولي فوري، لوقف العبث الحوثي بالأمن الملاحي والبيئي، خصوصًا في ظل استمرار الجماعة في السيطرة على أجزاء واسعة من الساحل الغربي اليمني، والموانئ الحيوية التي تحوّلت إلى نقاط انطلاق لعمليات استهداف السفن.

ويحمّل المراقبون المجتمع الدولي مسؤولية هذا التمادي، نتيجة "المواقف الرمادية" التي شجعت الميليشيا على مواصلة الهجمات رغم التحذيرات المتكررة. كما حذّروا من أن استمرار تسييس الممرات البحرية وتحويلها إلى ساحات قتال سيحوّل البحر الأحمر إلى منطقة كارثية بيئيًا وأمنيًا، تتضرر منها دول الإقليم برمّتها، وليس اليمن وحده.