من خلال متابعتي لقضية اغتيال الشهيد اللواء الركن/ عدنان محمد الحمادي قائد اللواء 35 مدرع الذي ازدادت قناعتي عما سبق بضرورة إعادة هيكلة السلك القضائي ليستقيم ميزان العدل لتطبق المقولة التي طالما قرأناها ولكن لم نجد مفعولها يطبق على صعيد الواقع ألا وهي (العدل أساس الحكم) غالبا ما قرأتها تعلو قاعات المحاكم، لكني طالما بحثت هنا في دهاليز المحاكم ولم اجدها لا تطبيقا ولا عملا، وكانت الصدمة الكبرى التي واجهتها في قضية الشهيد الحمادي تحديدا ومن خلال متابعتي لهذه القضية الشائكة وجدت أن العدل ان أريد ان يطبق يتوجب ان ينال القاضي العدالة قبل الخصوم الذين يقدمون مظلوميتهم أمامه، وهي معضلة لا يمكن أن تطبق ما لم يتم إعادة هيكلة المؤسسة القضائية وفق معايير الكفاءة والنزاهة وحرية القرار.
في كل محطات القضية كانت هناك ضغوط تمارس على كل من تسلم ملف هذه القضية ومن جهات لا تمت للقضاء بصلة، غير أن أياديهم هي من تتغلغل في هرم السلطة القضائية مما أدى إلى التلاعب المخزي في ملف القضية حتى وصل هذا التلاعب إلى إخفاء مستندات وأدلة من ملف القضية سلمت في محاضر رسمية تغافل من اخفى هذه المستندات عن نزعها مع جملة ما تم نزعه من أوراق ومستندات، ذلك أن المتولي ملف القضية حينها كان خاضعا لإملاءات ورغبات من يتحكمون بالمشهد لا ما يمليه عليه القانون والقسم والأمانة في العمل الموكل إليه، ولعل اللاعب في مجريات هذه القضية لم يرد في ذهنه أن يأتي العدل في حين غفلة منه عن طريق قاض عرف الحرية وترعرع في جداولها وتربى على عدالة استسقاها من ضمير ما لأن لا حد غير العدالة وشرف المهنة والأمانة الملقاة على عاتقه، عندها ضاعت كل خيوط اللعبة من يد اللاعب وتغيرت البرمجة وفقد الريموت قدرته على تغيير القنوات ليفاجأ بإعادة تصحيح مسار القضية إلى الصواب وإعادة استكمال الملف ولملمة شتاته من بين براثن من لم يؤتمنوا عليه.
وما إن استقام للقضية طريقها حتى بدأ اللاعب المتحكم عبر أدواته في القضاء بإعادة رسم مخطط آخر للعبته ومحاولة تغيير بيادقه اللاعبة في رقعة القضية، فكان ان امر ادواته في مجلس القضاء اولا بتغيير وكيل النيابة المكلف بالقضية واستبداله بمبتدئ لم يمارس القضاء لشهرين متتابعين ثم تلى ذلك اوامره لاعضاء النيابة بعدم حضور جلسات المحكمة تحت مبررات واهية، بل وعرقلة القضية بعدم احضار المتهمين عله يجبر القاضي وهيب فضل رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة لتقبل اوامره وتجريف القضية حسب هواه، وهذا ما لم يحصل لأن هناك قاضيا احترم الموقع الذي يشغله وحكم ضميره والقانون ولم يحكم رغبات مرؤوسيه، وهنا يأتي ثمن الحرية للقاضي التي هي أساس تمسكه بالقانون والدستور.
حرية القاضي هي العامل الأساس في حرية اتخاذه لقراره العادل والتي لا يستطيع أي كان لي ذراعه لتحقيق مآرب للحاكم والأدوات في تغيير مسار القضية وفق أهواء ورغبات مراكز القوى، وهذا أيضا ما أثبته نادي القضاة الجنوبي الذي أصدر قراره وفق رؤية مجمل قضاة الجنوب بانه يتوجب ان اريد العدل ان تعاد له هيبته وحريته بتغيير الأدوات التي تمارس العبودية في مجلس القضاء الاعلى وهو فعلا مطلب قضائي ووطني بنفس الوقت ولم يأت وفق اهواء أو مكايدات يحاول البعض اتهامهم بها.
ما يدعو للحزن هو ان ما قم به نادي القضاه الجنوبي لم يكن الا من مبدأ تحقيق العدل وتعديل مسار المؤسسه القضائية بما يتوافق والقانون والدستور وهو موقف شجاع ومبدئي ونابع عن حرية القرار لدى القاضي الجنوبي بينما وفي نفس السلك نجد ان المؤسسة القضائية (مجازا) في تعز خاصة والواقعة تحت سلطة المليشيا الاخوانية لا تجد بصيصا من حرية لتمارس وظائفها حتى في اضيق الحدود، بل انها اصبحت اداة من ادوات المليشيا لتصفية الخصوم وتبرير المخالفات واعدام ملفات الفساد والجريمة المنظمة التي تمارسها المليشيا ويا ليتها اكتفت بذلك.
ان المتتبع الحصيف للقضاء في تعز يستنبط من الوهلة الاولى انهم مجرد ادوات تأتيها التعليمات من مقر الحزب والجماعة، ومع هذا ان همس بعض من قاض ببنت شفه معارضا أو مستعينا بمادة قانون كان مصيره الضرب والتهديد والاهانة، وهو ما يحصل بشكل دائم وفي غير محكمة ومنذ تحكم مليشيا الاخوان في تعز وليست قضية الاعتداء من قبل نجل ابن قائد محور المليشيا خالد فاضل الاولى بل هي حلقة من سلسلة اعتداءات نالت قضاتهم خلال الفترة السابقة ولن تكون الأخيرة.
هذا كله يأتي دون تحرك فعلي من قبل هؤلاء القضاة في تعز بل لم يكلفهم اهانة احدهم أو منصة القضاء للتوقف عن ممارسة ما يقومون به من تحليل وتبرير جرائم الإخوان في تعز واستمرارهم في أداء هذه المهمة بصدر رحب بل تجد بعضهم يردد في تشف لمن اهين بقوله (وهو ايش كلف علوه يرفع رأسه) وكأن الاهانة هي قرار إلهي يجب ان يمارسه هؤلاء القضاء في الانبطاح لهذا المقر والجماعة.
ترى إن قارنا بين وضع القضاء في عدن وفي تعز هل سيكون هناك عدالة بان نقارن من يتواجدون في تعز بأنهم قضاة اصلا وهم يفتقدون إلى ان يستجدوا العدالة لانفسهم
لن اقارن، فانا أرى اني سارتكب جريمة في حق نادي القضاة بالجنوب ان قارنتهم لعبودية موظفي المقر في محاكم تعز.. عذرا لا أستطيع..