شوقي إبراهيم

شوقي إبراهيم

المخا.. يوميات مواطن وقت التحرير

Monday 08 February 2021 الساعة 09:00 am

في أيام حرب التحرير كنا قلة قليلة بالحارة التي أعيش فيها بسبب نزوح غالبية السكان، وكنت أنا الوحيد المتواجد من أسرتي وأهلي، وكنت أتولى حراسة منازلنا الكثيرة.

كانت المقاومة قد وصلت إلى المجمع الحكومي وإلى المحجر القديم جنوب المخا، وكان التحرك صعباً بسبب زخات الرصاص العشوائي التي كانت تسقط علي من الجهتين.

ففي يوم الأحد 2/6 تعشيت "جبن وروتي على ماء" وهذه كانت الوجبة المتوفرة ونمت بوقت مبكر عن موعدي، وفي صباح اليوم التالي استيقظت على صوت يشبه التكسير.

كنت أعتقد حينها، أن أحدا ما يقوم بتكسير قفل باب أحد المنازل.

 أخذت مسدسي وذهبت إلى النافذة واكتشفت أن الصوت، هو رصاص الرصاص، كان هجوم المقاومة عنيفا، قلت: يا آلهي كن بجاهي.

شعرت برعب شديد جداً وأدركت أن ساعتي قد حانت.

انسحبت مليشيا الحوثي من الخط الرئيسي إلى الدائري الشمالي لمواجهة المقاومة، وتمركزوا جنوب منزلي وشرقه وغربه، والمقاومة شماله، وأنا كنت عالقا بالوسط.

كنت أسمع مختلف أنواع الأسلحة تدك منزلي، كنت خائفا من القذائف، فبحثت بالمنزل عن أكثر الأماكن تحصينا ووجدت مكان 80×50 سم وحشرت نفسي فيه، من وقت الفجر حتى 12 ظهرا، وجلست أدعو الله أن ينجيني.

كان المكان ضيقا ولا أستطيع الجلوس فيه سوى القرفصاء، لا أستطيع التمدد أو الدوران، كنت أسمع أصوات الحوثة وهم يثحدثون عبر أجهزة اللا سلكي اهجموا، دقوهم، حيا بكم، وأنا أقول جاك الموت يا شوقي.

اتصلت بزوجتي وأطفالي وودعتهم وأوصيتهم، كما اتصلت بالصيرفي وأخبرته بكيفية توزيع أموالي وأن ابني إبراهيم هو المتصرف بكل شي، حاولت قدر الإمكان أرتب لأولادي كل شيء قبل الموت.

لم أستطع محادثة أمي، أرسلت لها سلاماً ووداعاً، الإتصالات كانت تنهمر علي، البعض يسأل عن حال المعارك، والبعض يسأل عني، والموت كان يحيط بي من كل جهة وكنت أشعر به يقترب، كانت تخالطني مشاعر مختلفة، رهبة وخوفا ورعبا، لا أستطيع أن أوصفها أو أعبر عنها، كنت وحيداً غريباً بين متقاتلين ورصاص وقذائف، لست طرفاً فيها، الحوثة كانوا يطلقون بضعة رصاصات والمقاومة ترد بعشرات الآلاف من الرصاصات، كان لدي كراتين بسكويت موزعة بالمطبخ وغرفة النوم والديوان لم أستطع الوصول إليها.

كان قناص متمركزا بمنزل صالح زيد، ويستهدف بيتي برصاص12.7متفجر، يدخل من القمرية وتنفجر داخل منزلي وينتج عنها غبار يكاد يقتلني ولا أستطيع التنفس.

كانت الإتصالات تأتيني من أصدقائي، أخرج أخرج، فدفنت مسدسي بمكان بالمنزل واستجمعت قواي وقررت الخروج من المنزل.

وواجهني حوثي يحمل صاروخ لو طويل، وقال لي ارجع، نار حمراء، انتظرت حتي مشى وخرجت من طاقة بالجدار كنت استحدثتها لأي طارئ، خرجت وأنا أجري، شاهدت الحوثة بمنزل والدي _رحمه الله_ ومنزل أخي أمين، الشارع الفرعي كان الرصاص فيه يجري مجري السيل، انتظرت فترة حيث وقف الرصاص لبرهة، وجريت ووصلت إلى منزل جيراني وفتحوا لي الباب، قال لي سليمان كيف مريت من الزغط والشوك مغطية، حيث قد كانوا قطعوا شجرة سيسبان شوكية كبيرة وغطوا بها الطريق، قلت له لاتوجد أي أشواك، قال لي الحوثة الملاعين أزاحوها.

ثاني يوم خرجت إلى منزلي رفقة سليمان، لنتفقده ولم نستطع المرور بسبب شجرة السيسبان الموجودة، قال لي سليمان، الشوك موجودة،

واكتشفت أني مريت فوقها وقت الهربه ولم ادر.