فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

قاصمة الثقافة في عاصمتها

Wednesday 07 October 2020 الساعة 11:46 pm

قبل عشرين سنة، تقريباً، لقيت بقطاع التوجيه التربوي بأمانة العاصمة شاباً يشتغل بالإعلام التربوي، تعارفنا وتبادلنا المعارف فترة زمنية وافترقنا، وظللت أتابع ما يكتب في الفيسبوك، ثم اختفى، وقبل أيام قليلة عرفت أنه رهينة لدى بلطجية حزب الإصلاح منذ ثلاث سنوات.. ذلك هو الإعلامي التربوي والنشط السياسي محسن عائض الصبري المعروف بطاهش الحوبان، قبل ثلاث سنين أودعوه السجن الحربي في تعز كي يدفنوا آراءه المبتكرة، ويستريحوا من انتقاداته الصائبة.. وقد وجه هو نفسه إلى رئيس نيابة تعز يقول بينوا لي لماذا أنا في السجن؟! طاهش الحوبان وأحد من نحو 300 معتقل بسبب الرأي، اعتقلهم بلطجية حزب الإصلاح في تعز.. وما يزال أكثرهم بين سجين أو مخفىً لا يعرف أهله مصيره، مثل أيوب الصالحي وأكرم حميد.. ذلك مثال لما آلت إليه العاصمة الثقافية في عهد حزب الإصلاح.

أخيراً.. عرفنا أن تعز لم تكن في يوم من الأيام قاصمة ثقافية لليمن، أما اليوم فقد أضحت عاصمة إصلاحية ترزح تحت حكم الأمر الواقع الذي فرضته ميلشيا وعصابات وشيوخ حزب التجمع اليمني للإصلاح، رب الصون والصولجان، والعفة والأخلاق والقيم، والبنادق، وسفك الدماء.. سيد الاستبداد والاستبعاد، واللبج، والجهل، والثقافة، والشمولية.

صارت تعز عاصمة مثالية لثقافة من نوع آخر منذ اعتلى حزب الإصلاح عرشها.. وثمة ضروب من الأنموذج الثقافي المثالي الذي غدت عليه تعز.. قصم بلطجية حزب الاصلاح المتطرفين الجهال الغشمان ظهور المثقفين والثقافة وحرية الرأي، وحظروا دخول الصحف إلى مكتبات العاصمة الثقافية.. وجرياً على قولة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر: من كتب لبج، ظلت سلطة حزب الإصلاح، أو سلطة الأمر الواقع في تعز تلبج الثقافة والمثقفين منذ ست سنوات وحتى اللحظة.. منذ ذلك الوقت وإصلاح تعز يلبج، يخطف، ويسجن.. والمشهور لدى كثير من المتابعين في اليمن وخارجها أن مأرب هي عاصمة القمع الثقافي واللبج الإعلامي، بينما في تعز هناك نحو 300 نشيط إعلامي لبجوا وسجنوا وما يزال كثير منهم قابعين في السجون التي أستحدثها حزب الإصلاح إلى جانب السجون التي كانت قائمة من قبل.

هذا عضو كتلة حزب الإصلاح في مجلس النواب عبدالله العديني وأتباعه ظنوا أنهم أصابوا كبد الحقيقة وهم يعبرون عن مدنية تعز وعن التجديد الثوري الذي ضربت أطنابه في أعماق الإخوان المسلمين.

قبل أسابيع دافع حزب الاصلاح عن العاصمة الثقافية لليمن، أمام منكرات كبار تتنافى مع القيم والأخلاق(!!).. نعم، منكرات فشت أثناء حفل ختام مهرجان ثقافي في قلعة القاهرة.. كانت الجريمة شنيعة.. وكيف تجرأ مكتب وزارة الثقافة على التخطيط لها وتنفيذها؟ وهذا نبيل شمسان أين كان حسه؟ وما الذي جعل شوقي أحمد هائل يتبرع بثلاثة ملايين ريال من أجل منكرات وجريمة؟ على أن هذا الشيء العجيب الغريب، ما كان ليحدث لولا رسول الشيطان ومدير التغريب.. إنه عبد الخالق سيف، المدير العام لمكتب الثقافة بمحافظة تعز.

إنها جريمة ما مثلها جريمة.. أو كما قال العديني: جريمة يندى لها جبين كل غيور، وتنذر بعقوبات ربانية على كل من يصمت عن هذا المنكر.. ونتمنى أن يتركوا أمر العقوبات للرب، وأن لا ينوبوا عنه.

أتدرون ما تلك الجريمة يا أهل تعز، يا أهلنا في الريف والحضر الذي كنا نغني ونحن نرعى الغنم، ونحن نجني السبول ونقلع الزرع، ونرقص في نيسان، وفي محفل الثمر وفي الأعراس وحتى في الأسفار؟ أتدرون ما هي الجريمة، وما المنكرات المجافية للقيم والأخلاق، التي جعلها الشيخ عبد الله العديني موضوعاً لحملة التشهير والتحريض على القتل، وحشد حزبه إلى جانبه جوقة العازفين الإصلاحيين لتأدية معزوفة بكاء على الفضيلة؟

تلك الجريمة، وتلك المنكرات يا سادة هي أن شيوخ حزب الإصلاح شاهدوا جدة ترقص مع حفيدها أثناء حفل ختام مهرجان ثقافي أقيم في قلعة القاهرة بتعز.. نعم، عجوز رقصت مع حفيدها، وهذا كل شيء.. لكنه صار جريمة ومنكرات في عهد حكم حزب الإصلاح للعاصمة الثقافية لليمن.

نعم.. تعز التي كان يقال عنها تعز العز والحرية والمدنية والتنوير والعاصمة الثقافية لليمن، صارت فنونها الثقافية العاصمة قصيمة في عهد الإمام الإصلاحي سالم، شيخ الشيخ عبد الله العديني اب المحرضين لقتل مدير الثقافة والمتبرع شوقي هائل، ومعهما المحافظ شمسان الذي سمح لجدة ترقص مع حفيدها.