قي مثل هذا اليوم ال28 من حزيران يونيو من العام 1974 تم اغتيال أحد أبرز قادة اليمن الكبار محمد أحمد النعمان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في "اليمن الشمالي" سابقاً، مهندس الدولة اليمنية وصاحب الفكر التنويري والمحاور اليماني الذي لا يشق له غبار.
وبالعودة إلى إنجازات محمد النعمان فقد استطاع بمهارة عالية إقناع المملكة العربية السعودية بالتخلص من ملف الملكية إلى الأبد وحث الملكيين على الدخول في المصالحة مع الحكومة السبتمبرية اليمنية التي يمثل النعمان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فيها حيث تمت المصالحة في العام 71 وقبل الملكيون "الهاشميون" ذلك على مضض وشعروا بمرارة الهزيمة والخذلان السعودي لهم، وقد قال شاعرهم احمد الشامي مؤكداً ذلك:
"قل ل(فيصل) والقصور العوالي
إننا نخبة أباة أشاوس
سنعيد الإمامة للحكم يوما
بثياب النبي أو بثوب ماركس
فإذا ما خابت الحجاز ونجد
فلنا إخوة كرام بـ(فارس)".
وسبق ذلك مؤتمر المصالحة الوطنية الأول بين الجمهوريين والملكيين في تشرين الأول – تشرين الثاني 1964 حتى تم كسب اعتراف العربية السعودية بالجمهورية العربية اليمنية والتحضير لزيارة الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني إلى المملكة العربية السعودية عام 1971، كما أن للرجل نجاحات تحسب له في مباحثات "الوحدة" في طرابلس إذ انتزع تأييد الأشقاء لاتفاقية طرابلس، الانفتاح على الخارج بما يعزز مكانة اليمن ونهجه البارز في "الحياد الإيجابي وعدم الانحياز"، و"بناء الدولة".
وبالنظر إلى مسيرة عمل الرجل في الحكومة اليمنية منذ
أن تم تعيينه فيها فقد كان توجههه نحو أن لا يكون "الدلال" أسلوب عمل سلطات الدولة مع بعض القوى الاجتماعية يجرّئها على التمرد والعصيان، وأن يجري الالتزام بالنظم والقوانين والاهتداء الدائم بالدستور لأنه هو "فقه الجمهورية وهو البديل لفقه المذهب" كما يدوّن ذلك أقارب ومهتمون في سيرة حياة النعمان الابن.
في يونيو من العام 1974 كان النعمان في زيارة إلى لبنان وفي إحدى طرقات بيروت تم اغتياله بالرصاص غيلة.
فمن اغتال النعمان، ولماذا تم تصفيته في بيروت على وجه الخصوص، ومن المستفيد في ذلك، ولمصلحة من؟