▪ما الذي لم يفعله الحوثيون لكي لا يكونوا في نظر الناس "إمامة" مُستجَدَّة؟
بعبارة أخرى: لماذا علينا أن نصدِّق بأنهم ليسوا ورثة نظام الإمامة الذي قامت الجمهورية على أنقاضه؟
في البداية، من الممكن استنتاج أن أحد أسباب ابتعاد الحوثيين عن الاعتراف المباشر بكونهم مشروعاً لإحياء الإمامة الزيدية، هو أن اعترافاً كهذا سيفتح الباب لنزاع تقليدي على أحقية تمثيل المأثور الديني الإمامي بين عدد كبير من عائلات "البطنين" التي ترى في نفسها الجدارة والشرعية.
حتى ولو أضفنا إلى هذا المانع، موانع أقوى لا تسمح لهم بادعاء أنهم امتداد ذو مصداقية لنظام الجمهورية اليمنية، فنحن لسنا أمام ظاهرة غريبة تستعصي على التعريف.
الحوثي نسخة مُستجَدَّة من الإمامة. آلاف الأشياء تدل على ذلك. وبمقدورنا أن نبيِّن بعض أوجه الشبه والاختلاف بين الحوثي والإمامة الزيدية. وسوف نلاحظ أن أوجه الاختلاف تتركَّز في جوانب فرعية وسطحية، أمّا أوجه الشبه ففي الأصول التي تشكلت منها الإمامة الزيدية الهادوية تاريخياً.
* أولاً: أوجه الشبه:
1) الخروج المسلَّح على الدولة القائمة، والدعوة إلى الجهاد. (وهذا ماثل في جماعة الحوثي منذ النشأة).
2) أن يزعم الداعي بأنه علوي فاطمي، وأن يؤمن أتباعه بهذا النسب. (هذا العنصر أيضاً ماثل ومعترف به).
3) أن يصاحب صعود الإمامة إحياء واسع للعصبية الهاشمية، وهو ما يؤدي إلى استنفار العصبيات المقابلة. (وهذا ماثل ومعترف به).
4) أن يكون الإمام فوق كل السلطات. (وهذا ملحوظ ومطبَّق في نطاق سيطرة الحوثيين).
5) اتخاذ المذهب الزيدي مادة للتثقيف والتعبئة والحُكم. (وهذا ملحوظ وواضح للعيان).
6) إحياء بعض مظاهر "التشيُّع" مثل الاحتفال بمناسبات "الغدير" و"عاشوراء" للتذكير بولاية آل البيت. (وهذا الإجراء يقوم به الحوثيون بكل وضوح وبانتظام).
* ثانياً: أوجه الاختلاف:
1) الإمام الجديد لم يعتمر -حتى الآن- العمامة، واسمها في صنعاء "القَاوَق"، إضافة إلى إنه لم يظهر بـ"التوزة"، وهي شكل من الأغماد -جمعُ غِمد، ويُدعَى "العسيب"- المائلة، التي تتميِّز بها جنابي "السادة" العلويين في شمال اليمن.
2) الإمام الجديد لم يدعُ علناً للبيعة على طريقة الأئمة السابقين، وسلكَ سبيلاً ملتوياً في هذا الخصوص.
3) الإمام الجديد لا يزال يعترف اسمياً بالجمهورية، لكنه في الواقع يمارس سلطة مطلقة فوق الجمهورية بصفته "قائد الثورة" و"عَلَم الهُدَى".
4) الإمام الجديد لا يزال يظهر لمخاطبة أنصاره عبر شاشة التلفزيون وليس بصورة مباشرة.