د. صادق القاضي
قضية "عدنان الحمادي": بين "مسرح الجريمة" و"مسرح العرائس"؟!
لا يمكن فصل جريمة اغتيال الشهيد عدنان الحمادي، عن حملات التخوين والتحريض الواسعة التي شُنّت ضده، تمهيداً لاغتياله، على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
المحرض شريك القاتل. بل "الفتنة أشد من القتل"، ففي الأخير، كما في أي جريمة إرهابية، فإن أسهل وأبسط خطوة من خطوات العملية هي حمل السلاح، والضغط على الزر أو الزناد.
يمكن لأيّ شخص غبي أو مأجور، أن يقوم بهذه الخطوة المباشرة، كمؤمن متحمس ينفذ التعاليم، أو كجندي مخلص ينفذ التعليمات، أو كمجرد قفاز مستأجَر من قِبل مافيا ضليعة نافذة.
من حُسن الحظ، في جريمة اغتيال الحمادي، أنه تم القبض على هذا القاتل المستلَب مبكراً، وحسناً فعلت النيابة الجزائية المختصة بعدن. مؤخراً باستدعاء عدد من المحرضين على الجريمة.
لكن حتى هؤلاء الأخيرين مجرد جناة بالنيابة، يمكن أيضاً لأيّ غبي أو مأجور أن يكون محرضاً بالنيابة، كمغرر به غيور على الدين أو الوطن، أو كحزبي ملتزم ينفذ التعميمات، أو كبوق رخيص يؤدي مهمة مدفوعة الأجر.
هذا ما حدث بشكل واضح في قضية الحمادي، فعلى الجهتين نحن أمام أدوات الجريمة، لا أمام المجرم، أمام أدوات التحريض والقتل، لا أمام المحرض والقاتل الحقيقي. الذي قامت هذه الأبواق والقفازات بتنفيذ العملية لحسابه ونيابةً عنه.
إذاً. لا أهمية لهاتين الخطوتين بذاتهما، بل بما تؤديان إليه، من باب أن أدوات الجريمة قد تحمل بصمات المجرم، أو تشير إليه بشكلٍ أو بآخر. وهو شيء مرهون بمهنية ونزاهة اللجنة الرئاسية المكلفة حصرياً بالتحقيق في هذه الجريمة.
في كل حال. علينا -لأسباب وجيهة يمكن فهمها- أن نقلق كثيراً على الشهيد الحمادي الذي تعرض لاغتيال معنوي ثم لاغتيال جسدي، من اغتيال ثالث لقضيته، وبالذات من قبل هذه اللجنة التي قد تكون هي الأداة الثالثة في هذه الجريمة المتكاملة.
أياً كان الأمر، كل ما حدث حتى الآن هو تحديد الدُّمى المتحركة، التي أدت أدوارها في "مسرح الجريمة"، كما في "مسرح العرائس"، نيابةً عن "أراجوز" كبير يحركها من خلف الكواليس.