خالد بقلان

خالد بقلان

تابعنى على

الأحزاب السياسية الداعمة للشرعية تمارس الانفصال تحت شعار الوحدة الوطنية

منذ ساعة و 38 دقيقة

من خلال بيانات فروع الأحزاب السياسية في محافظة مأرب، نجد أن الأحزاب المؤيدة والداعمة للشرعية اليمنية تمارس ازدواجية خطيرة؛ فهي من جانب تشارك في الحكومة المركزية وممثلة فيها، وفي الوقت نفسه تخرج فروعها في مأرب ببيانات ظاهرها مطالب حقوقية وإنسانية تخص معاناة الجرحى، التي تتزايد بفعل فشل وزارة الدفاع والحكومة ككل ومجلس القيادة، وعدم البت في مشروع قرار إنشاء الهيئة الوطنية المعنية برعاية وعلاج الجرحى وفق الموجهات الرئاسية الصادرة في أول خطاب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي.

وصمت وتغاضي مراكز الأحزاب عن بيانات فروعها في مأرب، لا يمكن فهمه ببساطة إلا أنه يؤكد أننا أمام ازدواجية ظاهرها مطلبي، وباطنها انفصال حقيقي بمأرب ومواردها المركزية.

فإذا كان المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مكوّن جنوبي يرفع شعاراً ومشروعاً للعودة لما قبل 1990، لم يُقدم على الاستئثار بالموارد المركزية التابعة للحكومة، فكيف يمكن تفسير من يعزّز حالة الاستئثار بموارد الدولة المركزية في محافظات أخرى مثل مأرب وتعز وحضرموت؟

إن مثل هذا الوضع يتطلب من القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي مناقشته بجدية. وبما أن محافظ مأرب، الشيخ سلطان العرادة، عضو في مجلس القيادة، فإن من واجب رئيس المجلس وبقية الأعضاء الجلوس معه لفتح نقاش حول هذا الملف، ويمكن الخروج منه بدعم موازنة عامة لمحافظة مأرب تفي باحتياجاتها لمواجهة تحديات المرحلة وتهديداتها الأمنية والخدمية.

والأمر ذاته ينطبق على حضرموت، وبما أن اللواء فرج البحسني عضو في مجلس القيادة، فيجب مناقشة الموضوع معه، وعبره مع السلطة المحلية، لإعداد موازنة عامة تواكب احتياجات حضرموت خدمياً وأمنياً.

أما الاستمرار في حالة الابتزاز ومحاولة ليّ ذراع الحكومة المركزية من قبل سلطات محلية أو مكوّنات عصبوية أو حزبية تُعد أحزاباً حاكمة لهذه المحافظات، فهذا يعني أننا أمام شرعنة لنموذج الدويلات القمقمية.

وعلى الأحزاب السياسية وكافة مكونات الشرعية اليمنية استيعاب أمر بالغ الأهمية: إن المجتمع الإقليمي، وأعني تحديداً التحالف العربي، وكذلك المجتمع الدولي، وأعني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، لن يسمحوا بأي عمل عسكري لتحرير مناطق من جماعة الحوثي، في حال فشلت الحكومة في إنجاز الإصلاحات والسيطرة على مواردها المركزية.

فالإصلاحات وقدرة الحكومة على السيطرة على الموارد المركزية هما الاختبار الحقيقي الذي يعزّز ويدفع في اتجاه سقوط الحوثية بمختلف الخيارات. وفشل الحكومة في تنفيذ الإصلاحات سيدفع نحو قناعات بعدم السماح ولا الوثوق بأن تكون هذه الحالات الهلامية بديلاً. ليس حباً بالحوثية، ولكن لحسابات أخرى قد تأتي في قوالب مختلفة، وليس بالضرورة الإقرار بالواقع الذي تمثله الشرعية ونقيضها.

كما أن الحسابات الدولية والإقليمية تتجنب نتائج تمرير نماذج من شأنها شرعنة سلطات أمر واقع متناقضة في التوجهات، تدير جغرافياتها بأساليب عشوائية متعمدة هدفها الفساد والاكتفاء بما تحت يدها من جغرافيا وموارد.

والسؤال الجوهري: هل ما زالت الأحزاب اليمنية مؤثرة، أم أنها خرجت من دائرة الفعل الحقيقي وانكشفت حين سقطت صنعاء بيد جماعة الحوثي التابعة للنظام الإيراني في 21 سبتمبر الأسود 2014؟

وإذا كانت الأحزاب السياسية الممثلة في الحكومة المركزية معنية اليوم بتحديد موقفها، فإن واجب مجلس القيادة وداعميه عدم السماح لها بممارسة الازدواجية. فإما أن تكون داعمة للإصلاحات وسيطرة الحكومة على مواردها، أو الخروج من حالة التخفي خلف بيانات فروعها، والوقوف أمام المجتمعين الإقليمي والدولي، اللذين يدعمان الإصلاحات ويرفضان إعاقتها من أي طرف أو سلطة محلية.

وعلى الأحزاب السياسية اليمنية وكافة القوى المنضوية في إطار الشرعية إدراك أن مسار الإصلاحات الحكومية الذي يتبناه رئيس الوزراء الأستاذ سالم بن بريك هو آخر فرصة لبقاء الدولة وعودتها. وكان يفترض بالأحزاب قبل غيرها أن تستوعب ذلك وتحرص عليه.

لأنها لن تجد نفسها مستقبلاً في اليمن ككل، فالمشهد لم يعد فارغاً ليأتي من يملأه؛ الواقع مزدحم، ومستقبل الدولة اليمنية الواحدة أو الاثنتين بات مجهولاً. وأنتم، كأحزاب سياسية، السبب، لأن تفكيركم لا يتجاوز منصباً أو مورداً، وتغفلون أن غياب الدولة كمؤسسات هو أصل المشكلة في بلاد لم تعرف الدولة كمؤسسة منذ قرون.