معاذ ناجي المقطري

معاذ ناجي المقطري

تابعنى على

مرآة تعز

منذ 3 ساعات و 38 دقيقة

"إذا حاولت تشتغل صح، يتم محاربتك. يا إما تطفش وتمشي، أو تبقى سيئ مثلهم."

هكذا قالت إفتهان المشهري في تسجيلٍ صوتيٍّ نُشر بعد استشهادها.

جملة واحدة لخّصت فيها واقع تعز وطبيعة ما تبقّى من مؤسساتها: إما أن تنسحب، أو تتشابه معهم لتنجو.

إفتهان لم تطفش، ولم تتشابه. بقيت كما هي؛ تعمل بصوتٍ واضح وموقفٍ لا يُساوم. ولهذا بالضبط، تم التعامل معها كتهديد.

قضيتها لا تنحصر في جريمةٍ واحدة، بل تفضح بنيةً متكاملة من الاستهتار بالحياة، وخذلان الدولة، وخوف المجتمع من قول ما يجب أن يُقال.

هي مرآة، رأينا في مصيرها مستقبلنا إذا استمر الصمت. ورأينا في دمها سؤالًا لا يمكن تجاوزه: من التالي؟ ومن سيحميه؟

الغضب الذي يملأ تعز اليوم ليس انفعالًا عابرًا، بل لحظة وعيٍ صلبة؛ وعيٍ بحقيقة أننا نعيش في زمنٍ لا تحميك فيه البلاغات، ولا القرب من مركز المدينة، ولا كونك إنسانةً مسالمة لا تحملين سوى صوتك وإنسانيتك.

لكن الغضب نفسه مهدّد الآن؛ هناك من يسعى لتوجيهه، لتفريغه، أو تسخيره لصراعاتٍ لا علاقة لها بجوهر القضية.

ولهذا نقولها بوضوح: لا تسرقوا غضب تعز. لا تحوّلوه إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات، أو إلى موجةٍ مؤقتة لتمرير الوقت.

إفتهان لم تُقتل كي نصنع لها تمثالًا من العواطف، بل لنُعيد النظر جذريًا في قواعد اللعبة: من يُحاسب؟ من يتواطأ بالصمت؟ ومن يستفيد من بقاء كل شيءٍ كما هو؟

اغتيالها لم يكشف قاتلًا فقط، بل فضح شبكة تهاونٍ وتواطؤ: بلاغات وتهديدات طُويت في أدراج مؤسساتٍ اعتادت أن تراقب بدلًا من أن تتحرك.

نحن لا نطالب بردود فعلٍ انفعالية، ولا نبحث عن بطولاتٍ مصطنعة. نطالب بحقيقةٍ لا تخجل، وعدالةٍ لا تُؤجل، وتغييرٍ يُنهي منطق الإفلات من العقاب.

غضبنا هذه المرة هو قرار: بالتوثيق، والمتابعة، والضغط المدني المنظّم. لن نسمح بسرقته أو تحويره.

مبادرة "كشف الحقيقة" ليست منصة استعراضٍ سياسي، بل عملٌ طويل النفس لمساءلة من سهّلوا، ومن صمتوا، ومن عوّدونا على أن تُصبح الشجاعة جريمةً مؤجلة.

انضمّوا لا كمتفرجين، بل كجزءٍ من لحظةٍ تستحق أن تُحرَس، وتُوثّق، وتُطالب بنتائج.

إفتهان كانت مرآة، وما رأيناه فيها لم يكن مجرد خسارة، بل صورة مدينةٍ ترفض أن تُعامل كغائبة.

ونحن، أمام مرآتها، لا نملك ترف التجاهل. نُكمل النظر، حتى لا يصبح منطق: "إما تطفش أو تبقى سيئ مثلهم"، هو القاعدة التي تُدير حياتنا.

#كشف_الحقيقة_عدالة_ناجزة

#إفتهان_المشهري_أيقونة_التغيير

من صفحة الكاتب على الفيسبوك