بلال غلام حسين

بلال غلام حسين

تابعنى على

من الدولة إلى "الترند".. حلت الشرشحة محل المحاسبة

منذ 3 ساعات و 25 دقيقة

في الأزمنة السابقة التي كان الكل  يحتكم فيها إلى النظام والقانون، وكانت المؤسسات الخاضعة للدولة تُدار وفق لوائح وأنظمة واضحة، ويُحاسب المسؤول على تقصيره من خلال أدوات رقابية رسمية، تحفظ كرامة المنصب، وتحقق العدالة بعيداً عن الضجيج والفوضى. 

نحن اليوم نعيش تحولاً غريباً، عما كنا عليه في السابق، عندما كانت هناك دولة وضبط وربط ومحاسبة، إذ لم تعد القوانين واللوائح وحدها هي الفيصل، بل صارت "الشرشحة" في مواقع السوشيال ميديا طريقاً فعالاً لإجبار المسؤولين على التحرك أو الاعتذار أو التبرير للكثير من الأخطاء التي يرتكبونها، والفساد المنتشر في مرافقهم .. صرنا اليوم ننتظر فيديو ساخط أو تغريدة غاضبة، حتى نرى استجابة لحقوق موظف، أو معاملة مواطن طال انتظارها من جهة رسمية أو مسؤول كان في سبات عميق.

المفارقة المؤلمة أن الكثير من الوزراء والمسؤولين في عدن لا يحركهم الدستور والقوانين واللوائح الصادرة، أو نص المادة أو بند العقوبة، بقدر ما تهزهم سمعتهم الرقمية .. يخافوا الترند والشرشحة في مواقع التواصل أكثر مما يخشون الله في تعاملهم، ويهتمون أكثر بتجميل صورتهم البشعة في تلك المواقع، من خلال أذنابهم الصحفيين أكثر من التزامهم بواجباتهم تجاه المواطنين.

لقد اختلت المعايير، فبدلاً من أن تكون وسائل التواصل أداة مكملة للرقابة الشعبية، أصبحت في كثير من الأحيان بديلاً عنها، تستخدم أحياناً بعشوائية، وتمارس فيها محاكمات علنية دون تمحيص أو تحقيق.

اللوم لا يقع على الناس وحدهم، فعندما تتعطل القنوات الرسمية، وتغلق الأبواب أمام الشكوى والشفافية، لا يجد المواطن سوى اللجوء إلى مواقع التواصل أو المواقع الإخبارية ليعبر عن الغبن الذي لحق به .. لكن الخطر الحقيقي يكمن حين تتحول هذه المنصات إلى مصدر شرعي بديل عن مؤسسات الدولة ولوائحها، ويصبح الصراخ أعلى من النصوص القانونية، مثل ما حصل اليوم مع (صندوق الزبالة) ومديرها.

إننا بحاجة لإعادة الاعتبار إلى اللوائح والأنظمة والقوانين التي وضعت لكل مرفق، لتنظيم العمل وضمان العدالة .. وبحاجة ماسة إلى مسؤولين لا ينتظرون "فضيحة فيسبوكية" ليقوموا بواجبهم، بل يتحركون من ضمائرهم، ومن نصوص أنظمتهم، لا من تغريدة ساخرة أو فيديو محرج.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك