أحمد سيف حاشد

أحمد سيف حاشد

تابعنى على

الحرب تأكلنا والجوع يقتات ما بقي منّا..!!

Sunday 27 February 2022 الساعة 04:58 pm

(1)

الجوع يحاصرني.. يضرب طوقه على جلدي كجلد حمار.

 يخنقني.. يكتم أنفاسي.. يقتات لقمة عيشي ومعاشي.

 يسمن من جوعي.. يتورم ويتبعج من كل مكان.

يتفسخ جلده من سمنته.. ينفجر فسادا كالجيفة.. ما أجيفه..!!

 تشتم جيفته من خلف حدود الكون إن كان للكون حدود.

 تجوع ومن جيفته تتقيأ معدتك المملوءة خواء..

*  *   *

2

تتناهشنا تماسيح وضباع وسباع.. صرنا مزقا إربا بين الأنياب.

 باسم الله نموت في الجبهات، وباسم الله نموت من الجوع.

 باسم الله أنت تحيا رغدا ونحن نجوع ونموت.

 الله لا يبتز ولا يدفعنا للموت كرها من أجل السلطة.. فلماذا تبتزون دمنا بلقمة عيش؟! 

وتسوقونا أرتالا محاطب حرب عبثية.

لماذا الإرغام على ما نكره؟ تذلونا بفتات ورواتب باتت أصغر من شحة صدقة.. ما أبخلكم يا بخل الويل.

 نحن سبع عجاف لا فسحة فيها ولا منفس.

 عام مجاعة يذهب، وعام يدركه أشد وأثقل وطأة.

 الجباة اتوا على المال مثل جهنّم، بل أشد وأشره منها.

عذرا.. عذرا.. بالعذر ثلاثة نحن ظلمناك يا جهنم..

*   *   *

3

قلت لصديقي: ضاق الحال بما تعلم.. ضاق بنا حتى بات أضيق من خُرم الإبرة.

حاول أن تفتح منفسا حتى بقطر عقلة إصبع.

 لعلي أخرج منخر يشتم نسمة بحر تنعشني من هذا الضيق.

 الجو هنا كئيب جدا، والعفن يزاحم بعضه.. الجيف تحاصرني وتكتظ، والجو رطب وعفن.

فأجاب صديقي: ومن أين نجد نسمة بحر تنعشنا، والكون برحابته قد صار مزكوما، وزكامه أكبر منه؟

العفن يحاصرنا مثل الجوع.. لا خروج منه ولا هجرة.

 طريقك مسدود بالعفن وبالجوع، وبمنحدر قد تسقط من شاهقه.. في الخارج تيه ورعب سقوط.

*   *   *

4

في اليوم ألف مفسدة تحتشد في وجه النور.. تهاجم كل بصيص لتسود العتمة.

 فساد يهرسنا من العظم إلى العظم.. ما زلنا منكوبين دون نهاية.. محكومين بجيفِ تقتات الأمعاء.. تعتاش على جثث الموتى وبرك الدم.

 ما عاد للفضاء فضاء.. الفضاء بات ملوثا بالكربون.. الكون مزكوم يا أصحاب.. ما عاد للكون رحاب..

*   *   *

5

كل سعة ضاقت، وتلاشى كل فساح.. الحرب تأكلنا من أولنا، والجوع يقتات ما بقي منّا.

 الحرب تلاحقنا بشاعتها دمارا وخرابا.. الأمل تلاشى وتبدد.. والحلم تبدّى سرابا في سراب.. لا مفر لنا ولا مهرب، إلا بوعي ثوري، والعهد يكون وفاء.

 لنعيش ونحيا بعزّة.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك