إيكونوميست: انهيار بلا قعر في لبنان

العالم - Thursday 05 August 2021 الساعة 05:26 pm
نيوزيمن، إيكونوميست:

تناولت مجلة "إيكونوميست" البريطانية ذكرى مرور سنة على الانفجار في مرفأ بيروت، فكتبت أن الاحتجاج أمام منزل وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي المحصن بحراسة قوية الشهر الماضي، كان بمثابة نموذج مصغر للانهيار اللبناني الذي يبدو أنه بلا قعر.

ووفقا لتقرير الصحيفة البريطانية، يكافح الجيش للحفاظ على معنوياته، وطلب مساعدة خارجية لإطعام جنوده، ونظم رحلات جوية للسياح في مروحيات عسكرية بسعر 150 دولاراً للرحلة في محاولة للحصول على العملة الصعبة وضم الحشد بعضاً من أقارب أكثر من 200 ضحية سقطوا في التفجير الكارثي في المرفأ في الرابع من أغسطس (آب) 2020.

 وكان المحتجون غاضبين من فهمي لأنه يماطل في التحقيق عن طريق رفضه رفع الحصانة عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

ويعمل فهمي تحت سلطة رئيس  حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي استقال العام الماضي. لكن دياب وحكومته يقومان بدور تصريف الأعمال، لأن سياسيي لبنان الفوضويين لم يتفقوا على تشكيل حكومة جديدة بعد. 

وعندما بدأ المحتجون يصعدون احتجاجهم أبعدهم رجال الشرطة الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية التي باتت تساوي أقل من مئة دولار شهرياً.

وتقول المجلة البريطانية، إن رجال الأمن هؤلاء هم موظفون لدى دولة مفلسة، لكنها لا تزال تتحمل نفقات قنابل الغاز المسيل للدموع.

 وتسبب الانفجار الناجم عن تخزين 2750 كيلوغراماً من نترات الأمونيوم بطريقة غير سليمة في المرفأ عام 2013، بتدمير وسط المدينة.

 وتساقطت شلالات من زجاج المباني.

 وقُذف السكان مثل الألعاب، ناحية جدران منازلهم من جراء عصف الانفجار الذي شعر به سكان قبرص على مسافة 240 كيلومتراً.

ومع ذلك، فإن الأمور بعد عام هي أسوأ بما لا يقاس. 

ولم يكن الانفجار هو الحضيض، وإنما مجرد علامة على دوامة الانحدار المزمن للبنان. 

ولم تكن ثمة محاسبة على الكارثة.

لا حكومة للتعامل مع الأزمة

حتى الآن، ولا حكومة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، التي صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات تحدث في العالم منذ 1850.

وعقب الانفجار، شكلت الحكومة لجنة للتحقيق في ما حدث. ووعدت بتقديم نتائج في غضون خمسة أيام.

 وكان لها 365 يوماً، إلا أنه حتى اليوم لا تزال الحقائق الأساسية غامضة. 

والعدد المحتسب للقتلى وهو 218، أي دون العدد الحقيقي، لأن السلطات امتنعت عن احتساب الضحايا من اللاجئين والمهاجرين.

 ويعتقد محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي الذين تمت دعوتهم للمشاركة في التحقيقات، أن خمساً فقط من الكمية الأساسية البالغة 2750 كيلوغراماً من نترات الأمونيوم، هو الذي انفجر. 

فأين ذهبت الكمية الباقية؟ هل بيعت أو نقلت إلى مكان آخر أو جرى التخلص منها بطريقة ما.. لا شيء واضح حتى الآن.

واصطدم المشرف على التحقيق القاضي طارق بيطار بجدار من المعارضة.

 وطلب استجواب عدد من الوزراء السابقين، إضافة إلى اللواء عباس إبراهيم. 

لكن النواب رفضوا السماح باستجوابهم. 

ويتحمل الجميع المسؤولية عن الانفجار، إذ أن الكثير من المسؤولين البارزين كانوا يعرفون أن نترات الأمونيوم موجودة هناك، كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، لكنهم لم يفعلوا شيئاً حيالها.

 لقد رصوا صفوفهم لحماية أنفسهم. (والقاضي العدلي السابق فادي صوان الذي كان يحقق في القضية قبل القاضي بيطار، تخلى عن القضية بعد توجيهه الاتهام إلى أربعة مسؤولين بالإهمال).

واستقال دياب بعد أيام من الانفجار. وأخفق الديبلوماسي مصطفى أديب ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري في تأليف حكومة جديدة، وتم تكليف رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بتأليف الحكومة في 26 يوليو. 

لكن من المحتمل ألا ينجح. ويوزع النظام السياسي الذي نشأ بعد الحرب الأهلية الوزارات على الطوائف، وانتهت جهود تشكيل الحكومة إلى نزاعات داخلية.

 ويريد الثنائي الشيعي المتمثل في حركة "أمل" و"حزب الله" -ذراعا إيران في لبنان- السيطرة على وزارة المال. 

ويريد الرئيس ميشال عون، الحفاظ على سلطاته بحيث يتمكن من تنصيب صهره جبران باسيل خلفاً له في رئاسة الجمهورية العام المقبل. 

وعيون الجميع شاخصة إلى الانتخابات النيابية المقررة في مايو المقبل.

ومن شأن التراجع المتزايد لقيمة العملة الصعبة مفاقمة الصعوبات في دعم البضائع.

 وساهم الدعم للمحروقات في عدم جعل التضخم الثلاثي الأرقام في لبنان يتجه إلى الأسوأ. 

وبعد خفض الدعم مرة أولى في يونيو، يتوقع اعتماد تخفيضات جديدة وارتفاع الأسعار مجدداً.

 وستكون هناك فترات انقطاع أطول للتيار الكهربائي مع نقص أوسع في السلع في الوقت الذي تكافح الدولة لتمويل الواردات الأساسية. 

ويصف البنك الدولي هذا الوضع بـ"الركود المتعمد"، أي أنه أزمة من صنع الإنسان -والرجال الذين صنعوا الأزمة لا يزالون في السلطة، من دون خطة لإصلاحها.