صوت من السِّرداب يقول "خذوني".. عن الحُرَّاس والسُيّاحِ والمقاتِل والمقاول (فيديو)

تقارير - Friday 03 April 2020 الساعة 10:47 pm
نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

أكثر من عامين وتحصينات العقيدة العسكرية الجمهورية لحراس الجمهورية وشركائهم في القوات المشتركة لتحرير الساحل الغربي، عمالقة وتهامية، تعصم عن الانجرار إلى معارك جانبية تحت أي ضغط وعند أي منعطف ورغماً عن كافة المحاولات إلى افتعال مناسبات تصعيدية كانت تتبخر في نهاية الأمر عندما لم تجد سوقاً لها في الساحل.

جرت مياه كثيرة، بل ودماء، في غير جهة وجبهة وزمان ومكان؛ بين رفقاء وحلفاء معسكر التحالف والشرعية في المواجهة الباتة والبائنة مع مليشيا الكهنوت والانقلاب، ذراع إيران في اليمن. وبقيت جبهة وقوات الساحل نظيفة آمنة ومحصَّنة، ولم تسجل بحقها أو عليها وفي سجلها رصاصة واحدة انحرفت مساراً وهدفاً عن الهدف الأول والوحيد.

سطر قبل النقطة

حملات كثيرة تسعَّرت إعلامياً وسياسياً، واستهدفت مباشرة رأس وقيادة المقاومة الوطنية وحراس الجمهورية، حتى عندما كانوا -للتو- يلملمون أرواح ودماء ومواجع معارك ديسمبر 2017 في قلب صنعاء، ومنها نهضت قوة تتعاظم يوماً فيوم وشهراً فشهر على إيقاع معارك طاحنة وحرب ضروس اكتسحت المليشيات على طول الساحل الغربي من باب المندب وحتى مدينة الحديدة. تبخرت الحملات وترسخت عقيدة وصورة قوات عسكرية منضبطة بوصلتها مضبوطة باتجاه واحد وبنادقها تبعاً لها.

قيل الكثير وما هو أكثر وأسوأ في جولات الاستنفار والاستثمار المؤسف للعنف والصدام البيني في تعز المدينة والريف الجنوبي، وبرغم كل ما قيل، لم يستطع أحد، ولا مرة واحدة أو نصفها أو ثُمنها، إثبات أقل القليل من أبسط الذرائع والاتهامات التي أطلقت أعيرتها في الهواء لاستقصاد الساحل وقواته.

كان نجاح الساحل وقواته في تفويت المناسبات والفرص على المتربصين سبباً آخرَ لاستنفار هؤلاء وتكالبهم في التصعيد إنما بالكثير من معطيات اليأس والانفعال الذي يستخف أصحابه إلى تقولات واتهامات بلغت من الاهتراء والإسفاف حد تجييش معركة كبرى ضد عشرات الأسر النازحة التي شردها الحوثيون ولجأت إلى التربة لتتم شيطنتها وقرع طبول الحرب ضد قوات احتلال (!!).

بنادق.. وبيادق

انحرفت أهداف واتجاهات المعركة في تعز مراراً وكثيراً، وسالمت الحوثيين، وارتدت بنادق الرفقاء الشركاء إلى نحور وصدور أعداء الحوثيين وأشرس من حاربهم، وللتغطية كانت المطابخ تتذرع بضجيج وصخب الاتهامات ومشاغبة جبهة الساحل وقوات الحراس والمشتركة. حتى عندما كان قائد المقاومة الوطنية العميد الركن طارق صالح يخطب ويتحدث مراراً وبصوت عالٍ: هدفنا صنعاء، عدونا الحوثي، لا عداوة لنا مع أحد، لا عدو آخر إلا الكهنوت، لن نطلق رصاصة واحدة في معركة جانبية.

مجموع الفشل المتراكم والفضائح المتكاثرة والمتسارعة في جهات وجبهات مختلفة وفي وقت واحد متقارب، كانت ترافقه وتتبعه، للتغطية وصرف الاهتمامات والأنظار، حملات مشابهة واتهامات فقاعية أكثر حدة وشخصنة وإسفافاً تعويضاً عن انعدام القيمة والمصداقية، حاولت النيل من تماسك ومبدئية وثبات ونزاهة قوات الساحل وقيادتها الوطنية والمشتركة.


امتحانات صعبة

من المدهش والمثير للإعجاب، لدى المراقبين وحتى المخاصمين الذين يفحمهم المنطق والواقع، أن جبهة وقوات الساحل قد تجاوزت امتحانات كبيرة ومزلزلة، من مواجهات وحرب شبوة أبين عدن، إلى محنة الحجرية واللواء 35 مدرع وصولاً إلى اغتيال قائده (اللواء) عدنان الحمادي، مروراً بمعركتي تعز المدينة القديمة ومواجهات أطراف الحجرية مع مقاتلي كتائب أبي العباس، وخلال ذلك كله شُنت الحملات الشعواء حتى قيل إنها الواقعة المنتظرة والحرب واقعة لا محالة مع الساحل، عندما -أو عندها- كان طارق صالح ينادي بصوت عالٍ: أيدينا في أيديكم أخوة وجبهة وجيشاً واحداً نستكمل تحرير الحديدة وتعز ونفتح المنافذ أشرف من استجداء المليشيات.

صوت من السِّرداب

على منوال واحد وصلنا إلى معمعة معارك وتطورات نهم والجوف ومارب، حملات التغطية لم تتوقف عن الانحراف بالمجال والنقاش المركز ومحاولة تشتيت الضغط المتشكل في بؤرة الأحداث زماناً ومكاناً إلى افتعال إشكالات جهة الساحل وقواته. استعيد هيلان وغرّد طارق صالح محتفياً بعودة ميمونة للجمهورية، استقطب ذلك احتفاءَ وثناءَ أوساط ودوائر يمنية واسعة حيال التحام جمهوري مصيري بين جبهتي الساحل ومارب والجوف، ومن الغداة خرج صوت من سرداب مهجور يلطم ويشق ويزعق بخطاب مناطقي منتن ولغة سياسية هابطة ومنحطة في أحدث اختبار صابوني أو بالوني لمحاولة افتعال مواجهة أو أزمة مع جبهة الساحل وقوات الحراس ومشتركة المقاومة والتحرير. ولكن، هيهات.

بسهولة ووضوح كبيرين تُميز الناس صوتاً فزَّ من سرداب وكأنه يقول: "خذوني".

ذكريات ساخنة

لحسن الحظ أن سجلات مالية التحالف عهدة الشرعية تحتفظ بذكريات قريبة ومفيدة للتذكير بالمليارات التي صُرفت باسم جولات ومواسم تحرير واستكمال تحرير تعز، وقرين اسم كل مسؤول ومحافظ وقائد تذكر المبالغ، كما تذكر مليارات ومساعدات وهبات باسم الجرحى والتنمية والإعمار وسواها. تجار معركة تحرير تعز.. أكابرهم بالذات.. كان التواري أشرف لهم والسكوت يحميهم من ذاكرة الناس ومن ذكريات ساخنة لم تبرد بعد ومن لعنة المحافظة المغدورة، على أن يقيموا الحجة على أنفسهم بالحديث عن النزاهة والذمة والشرف الوطني الجمهوري والعسكري.

بين مقاتل ومقاول

إن الذين قاتلوا ودفعوا الدم والأهل والأقارب والمال والولد وينذرون جهودهم ووجودهم لمعركة وطنهم وبلادهم وحقهم الأصيل في العودة واستعادة الجمهورية والعاصمة والدولة، ليسوا على الإطلاق في محل وموقع مقارنة أو مناظرة مع الخوالف وخبراء السفر والسياحة والاصطياف بين الدوحة واسطنبول. ورجال الخنادق هم في موقع الثريا، من رجال الفنادق في موقع الثرى أو ما دون الثرى. شتان بين مقاتل ومقاول.

أوهام وأكاذيب الوصاية والتمثيل والادعاءات الفارغة سقطت وتلاشت تحت أقدام الجنود الذين يغرسون أقدامهم في رمال المتاريس وخطوط التماس ويطلقون أعناقهم لعلياء الزمن واليمن. أصحاب حق وأحقية بالأصالة. كل يمني يساوي ويتساوى مع كل يمني في الحق، بقوة الانتماء إلى اليمن والإيمان بالجمهورية والبذل في خنادق ومتاريس حراسها.. وكل مقاتل في كل جبهة حارس جمهوري.