أستاذ الكيمياء الذي دفعته الحاجة للعمل حمالاً في صنعاء

تقارير - Saturday 22 February 2020 الساعة 10:10 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

"لم أتوقع أن يصل بي الحال لهذا المستوى.. تحولت لحمال، وأطفالي يبيعون الفلفل المطحون".. بهذه الكلمات بدأ التربوي (خالد. م) -38 سنة- حديثه لـ"نيوزيمن"، وهو يحاول بكبرياء الإنسان اليمني أن يبتسم ويتغلب على دموعه التي تمتلئ بها عيناه، وفي قلبه آلاف الآهات والزفرات الحبيسة.
عامان ونصف العام قضاها "خالد"، وهو مدرس الكيمياء في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، بدون مرتب. كابد خلالها الكثير من الصعاب، ورغم أنه يعاني من تضخم في عضلة القلب إلا أنه وخلال العامين الماضيين قلص من استخدامه للعلاج -كما أفاد- نظراً لعدم تمكنه من توفير قيمته بشكل شهري، إلى أن اشتد مرضه واشتد الخناق عليه وحاصرته متطلبات الحياة أكثر فأكثر، فطلب من أبنائه الصغار تحمل بعض المسؤوليات معه حتى يوفر قيمة العلاج.


يقول التربوي خالد: "أعمل لدى أحد تجار الجملة (حمال) أنا ومجموعة من الشباب، حيث نقوم بتفريغ الحاويات من البضائع القادمة إليه بمعدل مرة أو مرتين في الشهر، ورغم التعب والجهد الذي نبذله إلا أن الأجر زهيد جداً، ولكننا نصبر في ظل عدم وجود أي بدائل أخرى بسبب الحرب".
ويضيف: "تقوم زوجتي تقوم بطحن (الفلفل) وتعبئته في علب وأكياس يتراوح سعرها في المتوسط 500 ريال يمني -أي أقل من دولار أمريكي، ويقوم أبني محمد -9 سنوات- ببيعه في أحد الأسواق المجاورة، بينما تفرغ الطفل عبدالكريم وأخته لمياء لجلب الماء من (السبيل) للمنزل لنوفر قيمة الوايت الماء".


وذكر خالد أن إدارة المدرسة الحكومية التي يعمل فيها تطلب منه الحضور كل يوم رغم بعد منزله وعدم توفر "تكاليف المواصلات"، مضيفا: "إن مدير المدرسة المعين حديثاً رفع باسمه منقطعاً عن الدوام، مما أدى لحرمانه من نصف الراتب الذي تصرفه مليشيا الحوثي كل خمسة أشهر".
ويكمل قائلاً: لقد تم تنزيل اسمي حتى من كشف المعونات الغذائية التي تصرف لزملائي المدرسين كل شهرين، برغم أنني لم أتغيب سوى ثلاثة أسابيع عندما اشتد علي المرض، ولكن المدير لم يغير تعامله معي رغم حضوري اليومي.
وجد التربوي خالد حاله كما يقول "مهينا ومذلا" بعد أن كان مكتفياً بمرتبه الشهري ويعيش بصورة لا بأس بها خلال 13 عاماً من الخدمة في التدريس، ولكن حاله تبدل 360 درجة كما قال منذ أن توقفت عملية صرف الرواتب كونه مصدر دخله الوحيد.


قصة التربوي خالد واحدة من آلاف القصص التي تحمل بين طياتها عذابات الموظفين الحكوميين في صنعاء، ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وتفصح عن سلوك ممنهج لتدمير التعليم والإساءة للمعلم بشكل خاص والموظف الحكومي بشكل عام.


وما زال الألم والعوز والبؤس هو عنوان المناطق التي ترزح تحت نير الحوثيين الذين حولوا الشعب إلى متسول ينتظر المعونات الخارجية والتي لم تسلم هي أيضاً من نهب الأطراف المتصارعة وقرصنتهم.