أحداث فبراير بين التضليل والواقع

السياسية - Wednesday 12 February 2020 الساعة 10:00 am
عدن، نيوزيمن، عبدالملك الكحلاني:

بدأت شرارة ١١ فبراير و الذي دفع الإخوان فيه الشباب إلى الخروج إلى ساحة التغيير تحت مسميات وطنيه جميلةK تفاعل الجميع مع شعاراتها وكانت أمل وحلم لكل الشباب الطامحين لبناء مستقبلهم ووطن يوفر لهم العيشة الكريمة والمواطنة المتساوية والعزة والكرامة، ولكن بعد مضي قرابة قرن منذُ اندلاع فبراير التضليل نرى الان النتائج الكارثية على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ونجد ان حالة من الإحباط الشديد نتجت بين جميع من شارك فيها باستثناء الانتهازيون الذين استثمروا تضحيات ودماء الشعب وبالأخص الشباب، ليسيطر البعض منهم على العاصمة صنعاء والبعض الآخر ليسيطر على الشرعية ويعيش في قصور وفنادق الرياض وتركيا والبعض الآخر يتنقل بين الدول وبوابات المنظمات الدولية والسفارات كناشطين حقوقيين، لا يكترث جميع هؤلاء الانتهازيون للوضع الكارثي والمأساوي الذي أوصلوا اليه الوطن والمواطن.

وللأسف الشديد وبدون خجل ترتفع أصوات هؤلاء الانتهازيون في شهر فبراير من كل عام يتحدثون عن منجزاتهم في بناء دولة مدنية وجيش وطني ومواطنة متساوية وتداول سلمي للسلطة ومحاربة الفساد والتحرر من الوصاية الدولية وحماية الحريات والشراكة في السلطة ومنجزات أخرى لا يستطيع المواطن اليمني ان يجدها حتى في احلامه هذه الأيام.
الشيء المحزن والمبكي في نفس الوقت ان يدعوا هؤلاء كل ابناء الشعب الى الاحتفال معهم مع ان أغلبية الشعب قد أصبح اما فقير او نازح او عاطل او كل هذه الصفات مجتمعه.

الفريق الاول من الانتهازيون سيطروا على مفاصل الدولة بعد صالح بحجة مكافحة الفساد وإشراك كل فئات الشعب في السلطة ورفض التوريث وتحسين الخدمات والرواتب و إلغاء الجرع الاقتصادية و تخفيض الأسعار و اعادة هيكلة الجيش العائلي بناء على أسس عسكرية حديثة ولكن بدلً من السعي في تحقيق أهداف ١١ فبراير المعلنة قاموا بهيكلة الجيش باستبعاد القيادات العسكرية المشهود لها واستبدالهم بقيادات ولائها ليس للوطن ولا للدولة وإنما ولائها للإخوان المسلمين وعلي محسن، وبدل من مكافحة الفساد أوجدوا فساد اداري ومالي على مسمع من الجميع لم يعرف تاريخ اليمن مثله، و بدل من إلغاء الجرع و تخفيض الأسعار فرضوا جرعه جديده على الشعب و رفعوا أسعار المشتقات النفطية ١٠٠٪، وبدل من رفض التوريث قاموا بتوريث وتعيين ابناءهم في كل مفاصل الشرعية من وزارات وسفارات وبدون حتى تقديم اي خدمات للمواطن، وبدل من تحسين الحياة المعيشية اهملوا توفير اساسيات الحياة مثل الكهرباء ومياه الشرب و رواتب للموظفين وحتى الإنترنت، وبدل من اشراك المكونات السياسية الأخرى في الشرعية أصروا على استحواذهم على السلطة حتى مدير مكتب رئيس الوزراء باسندوه عينوه من بين قيادات حركة الأخوان ويصروا على استمرارهم في الحكم الى الان وفرض محافظين ووزراء ورفض الشراكة مع بقية المكونات او الوصول الى اتفاق سياسي جديد يتم بموجبه اعادة هيكلة الشرعية لإشراك جميع المكونات او اجراء انتخابات بعد مرور الفترة الانتقالية المحددة بعامين في خرق واضح للمبادرة الخليجية الذي أتت بهم الى الحكم، هم من اتهم البركاني بقلع العداد وفي الحقيقة هم من قام بقلعة، هكذا حقق الإخوان أهداف ال١١ من فبراير.

أما الانتهازيون الحوثيون الذين شاركوا ايضا في ١١ فبراير سيطروا على العاصمة صنعاء بحجة توفير حياة كريمة للمواطن ابتداء من إلغاء الجرعة و تخفيض تكاليف المعيشة إلى مكافحة الفساد والشراكة السياسية مع بقية المكونات والمواطنة المتساوية، ولكن عند وصولهم للسلطة قاموا بتوفير العيشة الكريمة للشعب بمنظورهم الذي قضى بتكليف شركاتهم لشراء وبيع المحروقات النفطية والغاز بأسعار عشرة أضعاف ما كانت علية، وعملوا على مكافحة الفساد بمنظورهم الذي قضى بتعيين مشرفيهم لنهب مؤسسات الدولة بحجة المجهود الحربي، وعملوا على إشراك باقي المكونات في ادارة مؤسسات الدولة والجيش من خلال إقصاء اَي شخص لا ينتمي للحركة الحوثية فعينوا أقاربهم وأنسابهم مشرفين على الرئاسة والحكومة والجيش، والمحسوبين عليهم مشرفين على الوزارات والمحافظات، ومشايخ مناطقهم تجار لاستيراد احتياجات الناس ومن قاتل معهم في الحروب الست تم تعيينهم في المناصب العليا للدولة لينهبوا ما تبقى منها كتعويض على ما قدموه.
وفي جانب تطبيق المواطنة المتساوية عملوا بجهد واخلاص في تسويق فكرة الولاء والطاعة والتعظيم لقائد حركتهم ليس اعتقادًا فيه ولا حباً فيه وإنما كوسيلة لبقاء سلطتهم مستغلين التأثير التاريخي للمذهب الزيدي في المناطق الشمالية.
هكذا عمل الانتهازيون الحوثيون على تحقيق آمال وتطلعات المواطنين الذين وثقوا فيهم.

والطرف الثالث من الانتهازيين، لا يتوقفون حتى اللحظة في استغلال معاناة وتضحيات وصمود الشعب بحجة انهم أشعلوا فتيل ال ١١ من فبراير.

فالبعض منهم يتنقلون في المحافل الدولية وابواب السفارات وفي قنواتهم الخاصة يهتفون حينًا لقتال الحوثي وحينا لمظلومية الحوثي حسب ما يوجهم ولي امرهم في قطر، والبعض الآخر يظهر على القنوات الإخبارية يتاجر بقضايا الوطن حسب توجه القناة المستضيفة ومكان الإقامة، والبعض الآخر يعمل في وسائل التواصل الاجتماعي لا فرق بينه وبين إعلانات الفيس بل يتفاعل مع قضايا الوطن بقدر الميزانية المعطاة له.

يستحق الشعب اليمني بعد مضي ٩ أعوام من التلاعب به بأيدي هؤلاء الانتهازيون وبعد المعاناة والانقسام الداخلي والتفكك الاجتماعي والفقر وانتشار الأوبئة والحروب والمجاعات والتضحيات ان يحتفل حتى بتحقيق هدف واحد من أهداف فبراير ولكن للأسف كل التضحيات والصمود ذهبت في مهب الريح بسبب إتباع وتصديق الشعب لهؤلاء الانتهازيون.

ما من طريق لعودة الأمن والاستقرار والعيشة الكريمة الا بإقصاء هؤلاء الانتهازيون من السلطة ومن تمثيلهم للمواطن اليمني في الداخل والخارج، كان الله في عون الوطن والمواطن اليمني حتى يتم ذلك.