البنك الدولي: قرار الحوثي بحظر العملة الجديدة يدمِّر الاقتصاد اليمني

إقتصاد - Friday 31 January 2020 الساعة 04:55 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

حذر البنك الدولي من آثار تدميرية للاقتصاد اليمني على كافة الأصعدة جراء القرار الذي اتخذته ميليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- بمنع تداول الفئات الجديدة من العملة الوطنية.

جاء ذلك في تقرير حديث أصدره البنك الدولي، الأربعاء، بعنوان "أحدث المستجدات الاقتصادية في اليمن"، حصل "نيوزيمن" على نسخة منه.

وكشف التقرير أن كمية النقود المطبوعة منذ انتقال البنك المركزي إلى عدن رسمياً أواخر 2016 تقدر بحوالى 1.6 تريليون ریال، منها 1.2 تريليون ريال يستهدفها الحظر الحوثي.

وقال التقرير: "في 19 ديسمبر 2019، شددت سلطات الأمر الواقع في صنعاء الحظر المفروض على استخدام الإصدار الجديد من الأوراق النقدية المطبوعة منذ انتقال البنك المركزي اليمني إلى عدن في 2016.. وكانت السلطات في صنعاء قد فرضت على المؤسسات المالية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها (الشمال) طوال 2019 حظر تداول الأوراق النقدية الجديدة".

وأضاف، "أما الآن فقد سحبت الأوراق النقدية من تاريخ الإعلان لتبديلها بعملة إلكترونية جديدة، وألزمت حائزي هذه الأوراق بتسليم "نقودهم غير القانونية" في غضون 30 يوما

أو تبديلها نقداً بأوراق قديمة -في حالة توفرها- لما يصل إلى 100 ألف ریال للشخص".

وأوضح البنك الدولي أن ميليشيا الحوثي زعمت أن تسييل عجز الموازنة على نطاق واسع خلال السنوات الماضية تسبب في انهيار الریال، وأن الإجراء الجديد كان ضروريّا لوقف المضاربة بالعملة وحماية قيمة العملة، مبينا أن سلطات الأمر الواقع تحاول بهذا الإجراء تعزيز سيطرتها على الدورة النقدية وسوق النقد. 

وأكد البنك الدولي أن هذه الإجراءات الحوثية المفاجئة ساهمت في حدوث أزمة مدفوعات، مما زاد من تعطيل النشاط الاقتصادي وأدى إلى تفاقم حدة الكارثة الإنسانية. وقال "أثر سحب الأوراق النقدية الجديدة من التداول أشد التأثير على الأفراد والشركات الصغيرة، حيث كان استخدام الأوراق النقدية مقيدا بالفعل في القطاع الرسمي".

وبين التقرير أن هذا الإجراء أدى إلى سحب حوالي ثلث أوراق العملة المتداولة حالياً في المحافظات القابعة تحت سيطرة الحوثيين.. منبها من أن استبدال العملة النقدية بالعملة الإلكترونية (غير المؤمنة) لا تحظى بقبول واسع في الوقت الراهن، مما يضعف فعلياً القوة الشرائية لحائزي الریال الإلكتروني.


وأفاد أن المنشآت التجارية القائمة على النقد (كالمطاعم، وصغار تجار التجزئة، ووسائل النقل المحلية) تعاني أشد المعاناة نتيجة سحب العملة من التداول، فضلا عن تعرض

المعاملات النقدية لقيود نتيجة انخفاض المعروض من الأوراق النقدية القديمة الأمر الذي رفع مستوى السخط الشعبي ضد الحوثيين، مذكرا بأن الكثير من التجار في صنعاء نظموا إضراباً جزئياً في 1 يناير احتجاجاً على سحب العملة من التداول.


وحذر البنك الدولي في سياق تقريره عن مستجدات الأوضاع الاقتصادية في اليمن من أنه سيكون لهذا التدبير الجديد أثر انكماشي للاقتصاد اليمني على المدى القصير، كما ستواجه المدفوعات النقدية، كآلية تكيف حيوية، اضطرابات خطيرة الآن إلى جانب أن الحكومة في عدن توقفت عن دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والمعاشات التقاعدية في الشمال بذريعة أن المؤسسات المالية ترفض التعامل مع العملة الجديدة.


وأشار البنك الدولي إلى أنه بعد فترة وجيزة من ارتفاع قيمة الریال، بدأ في الانخفاض في ديسمبر واتسعت الفجوة في سعر الصرف المزدوج بين عدن وصنعاء منذ الإعلان عن التدابير الحوثية الجديدة.


وأرجع سبب ذلك إلى أن الضغوط النزولية على الریال في السوق الموازية قد خفت مؤقتا نتيجة التوقعات بزيادة المعروض من العملات الأجنبية والاستقرار السياسي الذي أعقب توقيع اتفاق الرياض في أوائل نوفمبر، حيث ارتفعت قيمة الریال بنحو 3 %مقابل الدولار، ليصل سعر الصرف إلى حوالي 572.


وتابع "في أوائل ديسمبر، انعكس هذا الاتجاه مع تصاعد المخاوف بشأن المعروض من العملات الأجنبية والتأخر في تنفيذ اتفاق الرياض.


واستطرد قائلا "وأدى القرار النقدي الأخير الذي اتخذته سلطات الأمر الواقع في صنعاء إلى تقليص تداول الریال فعليا مما شجع المضاربة على سعر الأوراق النقدية الجديدة مقابل العملات القديمة، وبالتالي اتسع نطاق فروق سعر الصرف في عدن وصنعاء وبنسبة تتراوح (5 - %7)، %30-40 ً ريال لكل دولار.


ولفت إلى أن قيمة الریال انخفضت خلال ديسمبر بنسبة 4%، منبها في الوقت ذاته انه مع قرب نفاد الوديعة السعودية، ارتفعت مخاطر حدوث انهيار جديد في العملة على المدى القريب، مما يثير مخاوف من تأثير ذلك على الاقتصاد والأوضاع الإنسانية.


وذكر التقرير أن قرار الحظر المفروض على تداول الأوراق النقدية الجديدة أوجد حوافز مشوهة وسمح بظهور عمليات متاجرة في العملة الجديدة في أسواق النقد الموازية وظهور أسواق جديدة وارتفعت تكاليف المعاملات المالية والحولات المصرفية إلى حوالى 5% - 8%.


وزاد بالقول "على سبيل المثال، منذ ديسمبر الماضي، يُطلب من العملاء سداد رسوم أعلى مقابل تحويل مبالغ مالية من المناطق التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية إلى المناطق المفروض فيها الحظر الواقع تحت سيطرة الحوثيين تصل إلى 15 ألف ريال مقابل تحويل مائتي ألف ريال أي بنسبة زيادة تبلغ 8%.


كما أوضح التقرير أن الحكومة المعترف بها في عدن دعت سلطات الأمر الواقع في صنعاء إلى رفع الحظر مراعاةً لضرورة سداد الرواتب والمعاشات التقاعدية وتخفيف الضغط على استقلال البنك المركزي اليمني. 


وخلص البنك الدولي في تقريره إلى القول "يبدو أن سحب العملة الجديدة من التداول يمهد الطريق لمزيد من الاستقلالية في السياسات النقدية والسياسات المتعلقة بسعر الصرف، الأمر  الذي سيزيد من تفتّت الاقتصاد اليمني.. علاوة على ذلك، قد ترى سلطات الأمر الواقع في التحول إلى العملة الإلكترونية حلاً لأزمة السيولة، لكن أزمة السيولة ترتبط في حقيقة الأمر بالمؤشرات الأساسية للاقتصاد الكلي، بمعنى السياسات النقدية والمالية غير المتسقة في اليمن بوجه عام.. وفي نهاية المطاف يمكن أن تؤدي دورة هبوط أسعار الصرف، والتضخم، ونقص السيولة، والتوسع المفتعل في السياسة النقدية إلى (الدولرة) الكاملة للاقتصاد".


يُذكر أن (الدولرة الكاملة) مفهوم اقتصادي ويعني لجوء الحكومات في الدول التي تعجز عن معالجة انهيار سعر عملتها وتدهور وضعها الاقتصادي إلى تبني إحدى العملات الأجنبية وخصوصاً الدولار الأمريكي لتكون بديلاً قانونياً عن العملة المحلية في تعاملاتها المالية إلى أن تستعيد توزان وضعها الاقتصادي.