«اليمن.. الثَّمن».. استراتيجية ما بعد الحديدة وما بعد سليماني

تقارير - Wednesday 29 January 2020 الساعة 06:22 pm
نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

"الاستراتيجية السابقة للاتفاقيات المحلية، قبل المحادثات الوطنية اليمنية، مثل اتفاق الحديدة، لم تعد مناسبة." - مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.

هي لم تكن مناسبة أساساً، إلا للحوثيين، ومؤقتة بإنجاز الهدف الاستراتيحي المحدَّد على أكمل وجه. إنقاذ الحوثيين ومنع انتزاعهم وانتزاع الحديدة والساحل كاملاً من أيدي وكلاء وذراع إيران في اليمن.

كما يبدو فإنَّ هذا الفصل قد استكمل الغاية بنسبة نجاح عالية.

وكما يبدو فإنَّ تبعات وتداعيات ما بعد مقتل سليماني سوف تُدار بتركيز بريطاني أكثر في المجال اليمني. تعوض إيران بتمكين أذرعها من مكاسب قيّمة وخطيرة. 

تتولى المندوبية السامية لبريطانيا صاحبة الوصاية الحصرية على اليمن فعلياً وعلى الملف اليمني في مجلس الأمن، ومنذ إلقاء ثقلها لإيقاف المعركة ومنع استكمال عملية تحرير الحديدة على ذلك النحو، استفراغ شحنات التوتر والصدام إقليمياً ودولياً مع إيران محلياً وعبر عملية متتابعة من إعادة تشكيل الجغرافية الجيوسياسية. لكن أثرها لن يقتصر على اليمن لوحدها مهما جمحت الأوهام (..).

 غريفيث يقف على مشارف فصل جديد له استراتيجيته الجديدة.

وللمصادفة المدهشة (...) أنه يحالفه مسبقاً اتفاق في الرأي من رجال  الشرعية الذين مهَّدوا لقوله هذا بنفس المعطيات تقريباً وفي أيام متقاربة وشاركهم سفير بريطانيا الأداء بتناغم لا مزيد عليه.

كل ذلك تابع وواكب التطورات والمتغيرات العسكرية الفارقة جداً واللافتة جداً، توقيتاً ومجريات ونتائج، في شمال شرقي العاصمة صنعاء مركز التمكن والتنفذ الحوثي: نهم، الجوف، مأرب.

بالنظر إلى كل ذلك وإلى تصريحات وبيانات مسؤولي الحكومة الشرعية ومتحدثيها خلال أيام قلائل؛ والتي اقتصرت على التهوين من شأن وأهمية اتفاق الحديدة/ ستوكهولم والقول بانتهاء مفاعيله لكن من دون أن يعني ذلك منح الإذن باستئناف العمليات التي أوقفها وعطلها الاتفاق، وإلحاح السفير آرون والمبعوث غريفيث على استراتيجية جديدة وتجاوز ستوكهولم، فما الذي بقي ولم يتحقق من كل ما نبهنا إليه وحذرنا منه وتابعنا الصراخ أشهراً طويلة دون جدوى؟

تكتمل حلقات مسلسل لم يكن، أبداً، بذلك الغموض ولطالما استشرف مآلاته صراخ وندب لم نحسن سواه منذ ديسمبر 2018 ولكننا كنا ننشد موقفاً ما لدى شرعية يتأكد يومياً أنها أرادت هذا تماماً وليس سواه؛ كمن يتلمس ماءً في نار!

هكذا، يكون لدينا خلاصة مفادها: أنَّ الدرس انتهى، وعلى المتضرر أن يبتلع لسانه. طبعاً، ما لم يحسن عملاً آخرَ أو يفرض خياراً في متناول استطاعته. (لكننا أيضاً نرى، نقرأ، في هذا الجانب لقائل: إنه يتوجب على اليمنيين أن لا يفقدوا إيمانهم بدور ونزاهة الأمم المتحدة (...) ويقال هذا في معرض الانتقاد والتنديد فكيف في غيره أو عكس ذلك؟!).

وإذا كان ذلك كذلك، ولا تعطي اليوميات إفادات وإشارات إلى ما هو أفضل حالاً أو يمكنه إحداث انكسار حقيقي في مجرى المجريات عملياً وعلى الأرض، فإنه لا يرجى خلاف ما تؤدي إليه مقدمات ناجزة وتنهي المشهد على هذه المعطيات.

وانتقلنا الآن من إنقاذ الحوثيين في الحديدة إلى تمكينهم من التوسع والتمدد في غيرها تمهيداً لتثبيت مكاسب جديدة باعتماد استراتيجية جديدة، تتخلّق فعلياً معالمها وتتوالى محدداتها الراسمة، وسيقال فيما هو واضح إنها المناسبة الآن بخلاف السابقة.

أليس هذا هو ما يقال بالفعل؟

وبتجاوز الأقوال، أليس هذا هو ما يحدث بالقوة وبالفعل؟!

يحدث ويستحدث تباعاً..