عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

نخبة جديدة

Saturday 18 April 2020 الساعة 09:50 am

إعادة إنتاج طبقة حاكمة في اليمن، أصبحت ضرورة حتمية، فهذه الطبقة المُسربلة بقيود الماضي الغارقة بفسادها أخذت زمناً طويلاً.. استحوذت على مقدرات الوطن وسلبت جيلاً كاملاً حقه في الحياة والأمل، واحتكرت السلطة لعقود دونما إنتاج، ودون تقديم أبسط خدمات تحفظ للمواطن كرامته وحياته.

ولعل عدم وجود حركة وطنية معارضة تكون هي البديل، يزيد الأمر تعقيداً ويبعث على الأسى.

وبفقدان الأمل بكل ألوان الطيف السياسي الذي أصبح سراباً.. الجماعات الدينية هي الحاضرة في المشهد بكل تفاصيله تملأ كل الفراغات التي تركتها النخبة حين ذهبت لمنافعها الخاصة، مع سوء الحظ الذي أوصل رئيساً منهكاً بالعجز والمرض وضعف في جسور التواصل إلى سدة الحكم في ظرف غير طبيعي وغير متوقع، يحيط به مجموعة من المستفيدين أو من المتحالفين مع الجماعات وقوى نفوذ ويسيرون من خلفه كل تفاصيل الأمور دون حول له ولا علم.

كل التحالفات السياسية أثبتت أنها تفشل وتموت يوم ولادتها، والاحتقانات الشعبية تتوسع مع الفقر والحرب والبطالة، ولا تجد الجماهير الغاضبة من يمثلها ويعبر عنها.. الشرعية وحكومتها المترهلة تصنع أعاجيب في الفساد دون حساب من أحد وتتحول شعارات مكافحة الفساد إلى فلكلور سياسي ساذج.

كل الحلول العسكرية للحسم فشلت، ويبدو أن المعركة قد توقفت وتم ترسيم خارطة الأمر الواقع بهذا التقاسم بين الجماعات والقوى المتنفذة على الأرض، ويزيد تداخل الأوراق الإقليمية ودعمها لامتداداتها في الداخل الأمر تعقيداً، ويؤجل أي مسار للحل السياسي الذي تعيقه الكثير من التفاصيل وطبيعة مشاريع الجماعات التي تمسك بزمام الأمور وتسيطر على الأرض.

كما يبدو أنه لا فكاك من هذه المعضلات برمتها إلا بتكاتف بعض الجهود من خارج إطار النخبة القديمة لإنتاج نخبة جديدة تمد يدها للشارع وتستقي منه وجودها وتحركها ومنه تفصل بنيتها وتأسيسها وتعمل على حلحلة بعض القضايا، ذلك الأمر يبدو صعباً للوهلة الأولى، لكنه أفق الحل الوحيد للخروج التدريجي من الطوق.

ونجدر الإشارة هنا أن هناك مزاجاً ثورياً لدى الشباب، لكنه يفتقد الرؤية والدعم والتنظيم.. ووجود نخبة جديدة تلتحم به سيشكل ثنائياً لا يستهان به يعضد بعضه البعض.

وفي مسارات التاريخ والأمم والدول كانت الطبقة الجديدة التي تتخلق من رحم المعاناة هي التي تصنع التغيير رغم أنها لم تكن موجودة على مسرح الأحداث والمشهد العام قبل التغيير بدقيقة واحدة، لكنها تصنع ذاتها من غضب الجماهير وإمكانياتها البسيطة سواءً كانت هذه الطبقة مدنية أو عسكرية أو مزيجاً منهما معاً.

ولذا فإنه من المهم أن تبدأ بعض الشخصيات في تجميع شتاتها لتكوين نواة من هذا القبيل وتجمع حولها من تراهن عليهم في الفعل الشعبي أو المراس السياسي، ولا يليق البقاء قيد الفرجة والانتظار إلى ما لا نهاية...