محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

ينكسر القلب لكن الحب لا يموت

Saturday 21 December 2019 الساعة 08:50 am

من يدري أحد بعد أن يجر محراثه على الورق الأبيض ما الذي سيكون، وبمشيئة من ستروى الحروف، لا الغيم يخيم في سماء ولا صوت رعد يفزع العصافير المعشعشة في المخيلة.

ما الذي يغير أحدهم في طريقة كتابته، ويدب صمته في أنحائه المتغير دائماً!! يعجب في طريقة فرحه وحزنه يكاد يوصف بالغرور المتحذلق.

يقال ولا أعرف أن أحد قد قال هذا إن حياة وسلوك شخص ما تتغير نتيجة ظروف ووضع يمر به، يتعلم منه ويستفيد منه، يأخذ، يتخلى، يحب، يصمت، يغلق أبوابه في الساعة الخامسة مساءً، دون ذكر للأسباب.

يقال إن في الحب يلد الإنسان نفسه من جديد، يقف عن تناول وجبات القراءة في روايات الرومانسية والعشق الممنوع، لم تعد تفيد إذا كان هو الآن بطل رواية يعيشها، يستأنف حكايات الأنبياء والأغاني التي تطرب سماعهم، يتقربون بذلك زلفى إلى حبيباتهم..

عجباً..!

لا يعرف الدهماء عن عشق الأنبياء وخلودهم في الحب، لا يعرف البعض مكنون آيات الحب وسور الجمال وأسفار العشق، لا يعرف البعض أسرار الأديان الحقه التي بُنيت على قاعدة المحبة.

أشياء تُرى أمام من يريد أن يكتب، قد يخطئ في النحو، والترتيب لكنه يجد براعة في توصيف محبوبته بقدراته وإمكانياته، يجد أن الكتابة تنطق بلسانه لا يهم النحو والإعراب والترتيب، ليس في المشاعر تدقيق إملائي أو لُغوي.

الحب يستعير منك الأيام ويخلقها من جديد بعيداً عن الحرب، ينبت في قلبك الزهر ويصنع الوحدة من حولك، يبتلعك من بين الركام ودوي القذائف الملعونة بصوت الهلاك، الحب رائعة الغريزة الإنسانية وأقدسها، وأحبها إلى الله التي أودعها في هذا الضعيف الذي لا يقوى على حمل إحدى صفاته.

في رتابة الوضع واتساع المدى الذي صنع الامتداد الزمني لهذه الحرب، يحاول الشخص أن يجد ما يطفئ جمرة العذاب التي أوقدتها الحرب في محاولة لإطفاء جذوة التلاقي بين عاشقين تواعدا على كتاب الله أن يجتمعا تحت سقف الزوجية معصومين بحبل سنوات الحب.

ينتحب الحب والحرب تسد كل أفق، يهيم العاشق الذي سلبته هذه الظروف متاعه وتسرق عمره وتشبّ في ضلوعه رغبات بالموت، تتخاطفه أعين لا تعرف إلا السخرية بدواعي المزح الذي يذبح، تذبل عيون المحبوبة انتظاراً، ولا يزال العاشق يضرب في البلاد بحثاً عن القوة والمادة التي تمده بالوصال ولا تمنع عنه حاجب دارها.

ينكسر القلب لكن الحب لا يموت، يعاهد العاشق محبوبته أن كل معارك الدنيا لن تنسيه ملامح ابتسامة خفية، ولا خيالات السهاد الذي رافقه الليل وحيداً، ولن ينسى دموع الأيام التي شعر فيها بالخذلان، وكأن الله نسي شاباً في ضجيج الحروب ابتهل باسمه العظيم النظر إليه بعين تفتح له كل باب موصد.

ما يدفع الشخص أحياناً للكتابة عن سره هو الألم الذي بلغ مداه، وهنا لعلي كنت أريد أن أجد حرفاً أو حرفين إلى أربعة أحرف أتلمس فيها اسمي، والناصية التي أطل منها على الفرح، أو أنني حلمت بجمع الحروف وإعادة تنصيبها كلاً في محله من الإعراب.