صلاح السقلدي

صلاح السقلدي

تابعنى على

الإصلاح حين يستحوذ على كل شيء.. التجارب شهودٌ عدول

Wednesday 09 October 2019 الساعة 09:48 am

استمرار سيطرة حزب الإصلاح على السلطة اليمنية المعترف بها والمعروفة باسم الشرعية وتخفيه خلفها وتجيير قرارتها لمصلحته الحزبية المحضة واستثماره الحزبي للصفة والاعتراف الدولي الذي تحظى به، لا يشكل معضلة سياسية على القوى بالشمال فقط بل على الجنوب والشمال على حد سواء.

فالقوى الشمالية باستثناء الحركة الحوثية يتم انتحال اسمها بكل المراحل الماضية، وسيكون كذلك مستقبلاً، فيما هي لا ناقة لها في ذلك ولا جمل، فهي مغيّـــبة أو شبه مغيبة عن مواقع صنع القرار وبالذات داخل المؤسسة الرئاسية المختطفة، وعن المشهد برمته.

فما تزال تجربة حزب الإصلاح مع أحزاب المعارضة المعروفة بأحزاب اللقاء المشترك -التي هيمن عليها الإصلاح سنوات طويلة ماثلة للعيان- كما أن تخفّـــي حزب الإصلاح داخل حصان "طروادة الثوري" غداة انتهاء ثورة التغيير عام 2011م للنفاذ إلى كرسي الحكم دليل آخر على انتهازية وحذلقة هذا الحزب، واستحواذه على كل ما يقع بين يديه-.

وبالتالي فلن يكون مفاجئًا إن أقدم حزب الإصلاح عما قريب على إبرام صفقات تسويات سياسية باسم الشرعية لمصلحته الذاتية، فهو يحذق كل أساليب الفهلوة واستغفال الآخر وابتلاع حقوقهم.

أما ضرر الجنوب من هذه الهيمنة الإصلاحية على هذه السلطة فهو استبعاد القوى والشخصيات الشمالية الوطنية والفاعلة والتي يمكن التفاهم معها على ترتيبات المرحلة القادمة والكون عليها بتأسيس مستقل مستقر للجميع بصرف النظر عن طبيعة هذه الترتيبات وعن مصير الجنوب وشكل اليمن القادم.

فبقاء الإصلاح بالواجهة وهو يحجب مشاركة القوى والشخصيات الوطنية الشمالية واستمرار استخدام اسم هذه القوى والشخصيات لمصلحته سيكون من الصعوبة بمكان على القضية الجنوبية أن تجد طريقها للحل حلا جذريا ودائما، ومن الصعوبة على الجنوبيين بكل مشاربهم أن يطمأنوا إلى عقد اتفاقات مقبلة خصوصا وأن منسوب الثقة في أسوأ حالته بعد نكبة الوحدة عام 94م.

كما أن التحالف والسعودية بالذات ترتكب خطأ فادحاً بتهميش القوى اليمنية الأخرى وحصر تفاهماتها أي السعودي ودعمها مع/ وللـ الإصلاح بدرجة أساسية، طمعا في انتزاع منه مكاسب اقتصادية واتفاقيات اقتصادية طموحة عبر بوابة مجلس النواب أو بواسطة تسوية قادمة.

فالإصلاح اليوم ليس هو المؤتمر الشعبي العام الذي استطاعت السعودية أن تبرم معه اتفاقية الحدود عام 2000م حتى يمكن التعويل عليه.

فهو، أي الإصلاح، فوق أنه لم يعد يتمتع بتأييد شعبي كبير كما كان إلى قبل هذه الحرب، ولم يعد ممسكا بقوة بزمام كثير من الأمور –برغم مما يزال يحظى به من تأييد جماهيري وعسكري قياساً بباقي الأحزاب المتشظية اليوم بالساحة- كما كان بفعل المؤتمر ورئيسه القوي حينها "علي عبدالله صالح".

فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر اليمني وتبدل مواقف وتجغــرتْ خارطة اليمن السياسية والاجتماعية على نحو موحش.

نقول إنه فوق كل هذا الوضع المرتعش الذي يعيش الإصلاح فإنه لا يمكن لأي جهة مهما كانت قوتها بمن فيهم السعودية أن يأمن جانبه ولؤمه، فهو حزب لا يجد غضاضة حين يبتسم بوجهه الحظ أن يصعّـــر خده لشركائه، ويشيح وجهه عن كل مَــن شدّ عضده ذات يوم، والأيام حافلة بهذا النوع من التجارب، فالتجارب شهودٌ عدول.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك