نبيل الصوفي

نبيل الصوفي

تابعنى على

بعد أن كشفت الشرعية ستر التحالف.. (ليبيا) اليمنية من السويد

Thursday 06 December 2018 الساعة 09:27 am

انتظروا موعداً آخرَ لنفس المفاوضات بعد الحديدة.
هذه المفاوضات هي تحوُّل كبير خارجياً ضد اصطفاف الشرعية.
وهذا الاصطفاف قابل ومتفاعل..

وللأسف، هذا خسارة كبيرة، لأنه إدخال لليمن للبوابة الليبية التي تُبقي الشرعية مركزاً هامشياً دولياً..

تصبح كل دولة متواصلة مع كل الأطراف، تعالج مشكلاتها المباشرة مع الجماعات المسيطرة وفقاً للمكان الذي لديها مشكلة فيه.

لقد وفّر التحالف العربي غطاءً كبيراً لليمن لتبقى موحَّدة المركز خارجياً، وجنَّبها المصير الليبي الذي كان قد تحقق حتى قبل ليبيا..

فمن 2012 تآكلت السلطة لعوامل ذاتية عميقة، منها ضعف أداء الرئيس عبدربه منصور، ومنها الانتهازية التي كانت معشعشة في النظام، ثم سادت بالثورة وأصبحت هي الحاكمة والغالبة والموجِّهة.

وحين هزم الحوثي حليفه الهشّ في 2014، لم يتأخر العالم ولا للحظة، ولم يقدم أي دعم للشرعية بتركها لجمال بن عمر وسحب كل سفاراته..

وبدأ يتحدث كما يتحدث جريفيث الآن.

هرب الرئيس إلى عدن، وبقي العالم بعيداً حتى تدخّل التحالف العربي فأعاد للشرعية حضورها.. وشاهد العالم رئيساً يمنياً في الرياض وفي أبوظبي وفي شرم الشيخ.. فعاد هذا العالم للحديث عن الجمهورية اليمنية بعد أن غسل سفاراته في عاصمتها وتركها لابنها العاق المسمى عبدالملك الحوثي ومسلحيه المتعطشين للفيد والغنيمة.

ولثلاث سنوات كان هذا التحالف العربي غطاءً لهذه الشرعية يخاصم من يخاصمها.

وأتذكر كيف كانت الردود قاسية على أرشد وأعظم كلمة وجهها الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح لِقمة شرم الشيخ في 2015، مع أن الرجل قال للقمة: الحرب ليست حلاً، ساعدوا اليمنيين على اختيار رئيس جديد لهم، فالرئيس هادي أثبت عجزه عن مواجهة واجبات الرئاسة في بلاد مثل اليمن، وخاصة في وقت صراعات وحروب.
قال لهم، من جهتي مستعد أن أقدّم كل الضمانات لكي أغادر السياسة أنا وأولادي، وأن لا يترشح أحد مِنّا لأي منصب قادم..

ولم يختلف رد التحالف، يومها، عن ردود ثوار 2011، رغم أن السعودية والإمارات أصلاً ضد التوجه الثوري، لكنهما كانتا قرّرتا الوقوف بجوار الشرعية كطريق وحيد لتجنب المسار الليبي، فأبقتا صالح عدواً، وحافظتا على جنوب اليمن داخل الشرعية، وفي النتيجة فإنهما استَعْدَتا صالح ودفعتاه لمواقف أبعد عنهما وأقرب للحوثي وإيران، ربما واثقتان أن إيران وذراعها الحوثي لم ولن تقبل التحالف معه كماضٍ وكأهداف.. مهما بَدَا ذلك ظاهرياً.. خلافاً للجنوب الذي قد يكسبه أي طرف دولي يستخدمه ضد المنطقة مكرراً تجربة الصراع مع الحزب الاشتراكي.

كان التحالف غطاءً مهماً للشرعية، ولكنه لم ينتبه أنها شرعية مهترئة ستواصل إهانة نفسها، وإفشال حلفائها، وخدمة خصومها.. هي، أصلاً، لم تخرج من صنعاء لأي من الأسباب التي تكررها إعلامياً.. لكنها خرجت لأنها أصلاً هي الوجه الأكثر انتهازية وعبثاً ولا مسؤولية وانعداماً للتنظيم، فيما كان يوماً اسمه نظام صالح.
استيقظ التحالف العربي على قرار هادي إبعاد خالد بحاح وتعيين علي محسن..
شاهد كيف شكَّلت الشرعية جيشاً وطنياً، ولكن لمكافحة الفقر لا للحرب، للمحسوبيات لا للنظام.. والتوصيف سمعته من حوار إذاعي مع حلبوب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي الموالي لهادي.

بل استيقظ على قرار إقصاء عيدروس الزُبيدي، المكسب الوحيد الذي كسبه التحالف جنوباً.

ثم انتقل الأمر إلى حملات خفيفة العقل واللسان ضد التحالف من ذات هذه الشرعية في كل مراكزها.. وصولاً إلى التعمية على أهداف التحالف وتصوير أدائه بسوء يحرّض عليه شعبياً بما لم يستطع حلف صنعاء بين صالح والحوثي تحقيق ولا الربع منه.

وكلما أنجز التحالف شيئاً للشرعية التي أحياها وقد كانت رميماً يبحث قادتها عن ملابس بعد أن هربوا تائهين، زاد سعار الشرعية بغباء وقصر نظر ضده. فهادي يقول إنه لا علاقة له بضربات الطيران، وشرعيته تصرخ عن كيف أسقط التحالف الدولة، ويحتل سقطرى والمخا، ويعتقل المجاهدين، ويطمع في المهرة، ويحجز الخيرات من أن تتدفق للشعب اليمني.

وهناك الطرف الآخر، الذي بقي من تحالف صنعاء بعد رفض الحوثي القبول بأي شراكة مع علي عبدالله صالح وقتله بدافع توحيد القرار والحسم الأمني، والذي بعد كل دوره ضد التحالف لجأ له فوجده مدركاً للتحديات، متمنياً مشاركة كل يمني في استعادة بلاده وإنهاء الحرب على هذه الأرض.

قَبِله التحالف، لكن لا الشرعية قَبِلته على سوئها، ولا هو قدّم خطاباً مدركاً للخطورة التي تمر بها البلاد، بل إنه يبدو حالماً بتحالفات ما قبل 2011 وقد صارت ماضياً بالأصل، أكثر من استعداده فهم اللحظة التي تمر بها بلاده ومنطقته وإقامة تحالفات وتفاهمات جديدة حول الحاضر والمستقبل.

خلاصة القول، إنه خلال 4 سنوات من ستر التحالف للشرعية لأجل إبقاء الجمهورية اليمنية متماسكة دولياً.. كانت الشرعية تُمزِّق هذا السّتر، بدون قصد ولا إدراك، تماماً كما فعلت مع المبادرة الخليجية، ومع الجيش اليمني، ومع شرعية التحول الديمقراطي، ومع الثورة، ومع الوحدة قبل ذلك كله.. ومع علي عبدالله صالح نفسه.

وفي اللحظة التي أرهق قلب عبدربه منصور معبراً عن حال بلاده، ونقل إلى المستشفى هناك في أمريكا، جاء جريفيث بمشرط مختبر في المعالجات، وقال: من هنا تنتهي أكذوبة الشرعية، ودخل مفاوضاً الحوثي يمنحه صنعاء ويستلم منه الحديدة، وبدون إعلان أو برنامج، ومن السويد يعلن دخول اليمنيين التجربة الليبية، فالتجربة السورية لا نشبهها؛ لأن فيها مركزاً وطنياً للدولة الممتدة من مائة سنة هناك، وهو بشار الأسد، أما نحن فسيبقى هادي بقلبه المريض أنموذجاً لبلاده الموجوعة، وسيستمر علي محسن وعبدالملك الحوثي يتحدثان عن السلام ولا يملك أيٌ منهما شيئاً غير الحرب لتمويل نفقة مسلحيه ومتفيديه..

وستبقى الجبهات ممتدة، ويبقى الجنوب معلقاً برفض السعودية التخلي عن صنعاء لإيران، وكل على ليلاه يغني، والشعب تائه يترقب..
واليمن عهد عالق في كل ذمة..