عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

ولماذا الحكومة أصلاً؟!

Wednesday 17 October 2018 الساعة 06:05 pm

يختلف الجميع نقاشا وجدلا عن كوراث وايجابيات إقالة ابن دغر وتعيين الدكتور عبد الملك بدلا عنه، وكل له تبريرات وتنظيرات عن عظمة وحكمة القرار الرئاسي، أو عن أخطائه وكارثيته.

لا أرى بأن النقاش السياسي هنا مجدٍ، لأن الفريقين هنا يتفقان اتفاقا كاملا مع المنطق الرئاسي من الناحية المبدئية العامة في جعل المشكلة محصورة برئاسة الوزراء وشخص رئيس الحكومة سواء سلبا أو ايجابا.

أي منطق سياسي سليم الذي يرى بأن ابن دغر كان بطلا وطنيا أو الذي يراه أساس المشكلة؟!! إلى ماذا يستند هؤلاء بمنطقهم وموقفهم هذا غير الأوهام ومغالطة الواقع!

كيف بإمكاننا أن نرى بمعين انه يحمل فجرا وطنيا جديدا أو أنه يعبر عن انتكاسة سياسية؟!

لا سياسة بدون ذاكرة ولا وعي سياسي وطني حقيقي بدون تفعيل هذه الذاكرة السياسية بشكل جيد والانطلاق من تجاربها الجلية والواضحة في معرفة الواقع السياسي وطبيعة العملية السياسية بعدم الانخداع بها مرة اخرى فلا يلدغ اليمني من هادي مرتين.

حين كان باسندوة رئيسا للوزراء، كأول رئيس حكومة في رئاسة هادي، كان هادي يتهرب من كل مسؤولياته واخفاقاته وعدم قدرته ليرمي بها على باسندوة، كنت أحد من صدق وآمن بأن المشكلة هي في باسندوة، حقا لقد خدعني هادي بهذا وبعد اتفاق السلم والشراكة حين اطيح بباسندوة وصعد بحاح رئيسا للوزراء قلت في نفسي ها هو بحاح على النقيض من شخصية باسندوة فهنا قد احتلت القضية جذريا لكن حقيقة الأمر كان اكبر من هذا التسطيح فهادي يجيد إلقاء الأعذار على غيره، وخلق المبررات والبحث لنفسه عن مخارج سياسية والتضحية بٱخرين كجزء أساسي وجوهري في تفكيره وسياسته وتعامله.

وفي الرياض عين هادي بحاح نائبا له اضافة الى كونه رئيسا للوزراء وقال هادي بأن بحاح إضافة نوعية للرئاسة، قالها هادي هكذا بالنص في فعالية الحكومة داخل الرياض وبعد أن أقال هادي بحاح متهما إياه بالتقصير قفز الى ذهني مشهد هادي وهو يقول بأن بحاح إضافة نوعية للرئاسة كيف تعقل هذه العباره وبحاح رئيس للوزراء، فكيف سيكون اضافة نوعية للرئاسة أليست هذه الإضافة النوعية تكفيه بأن يكون نوعيا وعظيما برئاسة الوزراء ما الحاجة لنائب نوعي ورئيس وزراء بنفس الوقت نائبا لرئيس أصبح الاثنان يقيمان في غرفة بفندق عند دولة جارة؟!

حينما قال هادي بأنه اضافة نوعية هل كان جادا أو أنه فقط يمثل؟ هل كان في لحظة رمانسية سياسية؟! كيف انقلبت الإضافة النوعية الى مجرد فاشل ومقصر بعمله؟!

لا استطيع اطلاقا بأن أدافع عن بحاح انه كان ناجحا لكني أتساءل هل الرئيس نفسه ناجح بمهامه وقائم بمسؤوليتاته كما ينبغي حتى يتهم نائبه ورئيس الحكومة بالفشل؟! 
هل محسن وبن دغر كانا الطريق الصح للبحث عن النجاح؟! أم أن هادي انطلق تخوفا من الهمس السياسي الوطني والدولي بصلاحية بحاح كرئيس ومغادرة هادي كأولى الخطوات لحل سياسي آنذاك.. لا اتذكر لبحاح نجاحا لكنه كان مؤهلا ومهيأ لنجاحات إدارية ويتميز بخطاب دبلوماسي وسياسي وقبول وطني ودولي وقبول من اطراف مختلفة لكن في بيئة هادي لم يكن لقدرات بحاح بأن تكون أكثر من قدرات شخصية لاتوجد استراتيجية وطنية مؤسسية ولارؤية ولاحتى محاولات لتخرج هذه القدرات والمزايا كنجاحات عملية وإنما ظلت كقدرات شخصية يستعرض بها بحاح استعراضا شكليا وتثير غيرة وحقد هادي وغيره.

مثلت مرحلة ابن دغر التقاسم والتحالف بين الأخوان ورجالات صالح من المؤتمر الذين غادروا صالح مؤخرا وتحالفوا مع الأخوان سياسيا لاثوريا كون الطرفين اضافة الى هادي كثالث يعتبرون انفسهم خصوما للحراك والحوثي وبنفس الوقت يظل رئيس الوزراء جنوبيا يؤمن بالاخوان ولايؤمن بالحراك الجنوبي.

سياسيا يعد ابن دغر اذكى من هادي بكثير، لكن لا نجاح لبن دغر يذكر غير انه حاول أن يدير التناقضات بتفنن يعتقد هادي بأن من يجيد إدارة التناقضات كتحالفات وسياسة ومواقف يمثل قلقا له وخطرا عليه ولذا عليه بأن ينتهز المواقف المناسبة لإبعاده ثم يأتي ببديل آخر دون أن يقلق حلفاءه ولهذا حاول إرضاء الأخوان بأن أتى بشريك ثوري لهم أي من الساحة وكشخصية أكثر ضعفا وعدم إحاطة بالسياسة وكاستقلال شكلي ليمثل ضعفه الحقيقي نقطة قوة لهادي وحلفائه.

ومع كل هذا تظل المشكلة الرئيسية والجوهرية ليست ببن دغر ولا بمعين هي بالعملية السياسية القائمة.. هي بهادي أساسا وبالمنطق السياسي القائم حتى لو غيرنا هادي دون أن نغير المنطق السياسي المتخلف الذي يحكم العملية السياسية فإن الأمر لن يتغير ولربما يكون الامر أسوأ.

أما على مستوى الوضع الحالي وإصلاح ما أمكن في بيئة هادي ومنطقه فإن التساؤل الأهم ليس ما فائدة واضرار إقالة ابن دغر وإنما لماذا الحكومة المغتربة اساسا وما المنطق من تشكيلها بهذا الترف والتوسع؟

كان الشعب يحتاج حكومة تعيش بيئته ولاتغادرها مهما كان الظرف لربما كان الشعب يحتاج حكومة تتخذ من أي منطقة يمنية او حتى جزيرة مقرا لها في أشد أوقات المعركة وسيطرة الحوثي لربما كنا نحتاج حكومة تواكب تحرير غد خطوة خطوة من داخل عدن وسواحلها وجبالها وترسم خطة سياسية وإدارية جديدة لما بعد تحرير عدن تستوعب كل المتغيرات وتغادر وتغير كل الافكار القديمة والانتهازية والمتخلفة لترسم وعيا سياسيا جديدا لاتتوقف لأشهر حتى تستكمل تحرير كل تراب اليمن وعودة الحكومة الى صنعاء، لربما على الاقل كان الجميع يحتاج حكومة تعيش الواقع اليمني وتحل المشاكل الامنية والخدمية والادارية والسياسية بالمناطق المحررة بداية من عدن.