حكيم الجبلي

حكيم الجبلي

بخصوص "الولاية" الحوثية وترميز "الخير" و"الشر"

Friday 21 September 2018 الساعة 09:00 pm

▪بخصوص مسألة "الولاية" التي يطرحها الحوثيون، يمكن أن نقول: إذا كانت "ولايتكم" أمراً إلهياً عُلْوِيّاً، كما تقولون، فإن الإله العاجز عن إمضاء أوامره، بدون كل هذا الخراب، هو إله ضعيف ولا يستحق أن يحمل اسمه.

ثم ماذا عن الملوك والحكام بممالكهم الوسيعة ودولهم الراسخة وسلطناتهم الممتدة على كوكب الارض؟ هل كل هؤلاء حصلوا على "الولاية" بأمر من الشيطان؟ هذا يعني كما لو أنكم تقولون إن إرادة الشيطان أكثر نفاذاً وسلطانه أعظم شأناً وأوسع من سلطان الله! وأن الشيطان قادر على إمضاء حكمه وإمضاء مشيئته في الأرض أكثر من الله، جل جلاله!
إذا احتكمنا لمنطقكم، فإن النتيجة ستكون هكذا حتماً. وإن هذا المنطق مسيء للخالق القدير أبلغ الإساءة.
وإلى جانب الإساءة للخالق، فإن "الولاية" يا قوم، في بلد متعدد مذهبياً لن تكون أكثر من مشروع طائفي وسلالي فاقع ومترع بالسموم، فضلاً عن أنها تؤدي عملياً إلى فصل صنعاء عن بقية اليمن.

المواطنون اليمنيون ينشدون كل ما يعمق عملية الاندماج والتفاعل والانفتاح في إطار اليمن الكبير، في حين أن فكرة "الولاية" هي عامل من عوامل العزل والبتر.
صنعاء هي عاصمة الجمهورية اليمنية وليست ضيعة خاصة بجماعة أو طائفة أو سلالة.

▪النظرية الشيعية تتعامل مع معاوية ونجله يزيد بوصفهما نموذج واحد يرمز للشر المطلق، وأن هذا "الشر" الذي يرمز له معاوية وابنه يزيد، يمكن أن يتجسد وأن يوجد دائماً في كل زمان ومكان وعبر أي إنسان أو مجموعة تتصف بصفاتهما وتنهج نهجهما في السياسة وفي الحكم وفي كل جوانب الحياة. بمعنى أن الشيعة يرون في معاوية ويزيد تجسيماً رمزياً للشر الذي لا يورث بالضرورة عن طريق النسب أو الجينات، بل يمكن أن يظهر عبر أي إنسان بغض النظر عن أصله، ومن خلال أي دولة أو مملكة.

حسناً! لا مشكلة حتى هذه اللحظة. فلهم الحق أن يعتقدوا ما يشاؤون.
المشكلة تكمن في أنهم ينكرون أن "الخير" المطلق المتمثل، من وجهة نظر الشيعة، في الحسين والأئمة من آل بيت النبي، هو أيضاً فكرة متصورة ورمز يمكن أن يتجسد وأن يوجد دائماً في كل زمان ومكان وعبر أي إنسان أو مجموعة تتصف بصفات وأخلاق ومزايا الحسن والحسين مثلاً باعتبارهما النقيض الموضوعي لدى الشيعة لمعاوية ويزيد. أي إنهم ينظرون إلى هذا "الخير" على أنه صفة وراثية وامتياز عرقي.

الشيعة يميلون إلى اعتبار معاوية رمزاً للشر، وبالتالي فهم يرون "معاوية" مُتحَقِّقاً في كل حاكم يناهضونه وفي كل مجموعة يعادونها أو فرقة تعاديهم. إلا أنهم، في نفس الوقت، يرفضون تماماً اعتبار الحسين رمزاً ومثلاً أعلى للحق والخير بحيث يمكن تحقيق صفاته وشمائله وتكرار نموذجه في أي شخص مهما كانت أرومته أو لونه أو قوميته!

تلخيص أخير للفكرة:

لو احتكمنا للمنطق الذي بموجبه حولت السردية الشيعية "معاوية" إلى رمز سرمدي للشر عابر للزمان والمكان، فإننا سنقول إن الفضائل التي ينسبها الشيعة للحسين يمكن أن توجد، بدرجة أو بأخرى، في شخص ليس من نسل الحسين، وأن الرذائل والقبائح التي ينسبها الشيعة لمعاوية ويزيد يمكن أن توجد حرفياً في شخص يعتقد أنه من نسل الحسين. ويمكن، كذلك، أن تكون صفات شخص وأخلاقه مزيجاً من هذا وذاك.

إذا كان "الخير" بالاصطفاء الإلهي لسلالة وعرقية محددة تتوارثه في جيناتها، كما يعتقد الشيعة، فلماذا لا يكون "الشر" بالاصطفاء والحصر داخل سلالة وعرقية محددة تتوارثه في جيناتها؟!

وبالتالي، وفقاً لهذه المعادلة، لا يكون "شريراً" و"شيطاناً" إلا من جاء من سلالة معاوية، مثلما يعتقدون أنه لا يكون فاضلاً وكاملاً إلا من جاء من سلالة علي!

هل الفرعنة تقتضي أن يكون المتفرعن من نسل الفرعون؟ فرعون تحول في النص الديني إلى رمز ومثل أعلى لكل طغيان ولكل جبروت غاشم في جميع الأزمان.

باختصار شديد: إما أن "الخير" و"الشر" كلاهما صفتان وراثيتان، أو أنهما كلاهما صفتان مكتسبتان. والقصد هنا "الخير" و"الشر" بمفهومهما لدى "الشيعة".