بشرى عبدالله

بشرى عبدالله

تابعنى على

ضياع الحقيقة في سوق المهرجين!

Thursday 13 September 2018 الساعة 08:15 pm

المؤشرات الأولية، الانطباعات، الآراء، التوجهات، الأخبار... غدت الآن بذات القالب، لذا تحتاج للتعامل معها بتجرد تام، إذا أردت بالضبط معرفة الأقرب للحقيقة وإن كان ليس من الممكن الوصول إلى كل الحقيقة، لكن ما يلاحظ أن الكثيرين يتبنون وينقلون ويصبحون مع الوقت مناصرين لأخبار، لتعليقات، لأحداث لم يكلفوا أنفسهم حتى التأكد من صحتها، فقط لأن فلاناً تكلم أو جهة قالت، غدا الأمر صحيحاً لا غبار عليه، أو خطأ يجب رفضه.

من السهولة جداً اختيار أيسر الطرق لنيل راحة البال، وتجنب بذل الجهد، وحتى عنصر المفاجأة، من خلال فقط النقل والحديث بلا تثبت أو سؤال أو استفسار، ربما من يحرصون على التعامل مع المعلومة المؤكدة يعرفون الطريق الطويل والصعب الذي يعبرونه لكي يصلوا لنتيحة ما في النهاية وربما لا يصلون.

لكن أن تجنب نفسك عناء نقل الصحيح لا يعني أن تتحول لصانع أو مروج لأكاذيب، أو محرف لمعلومات صحيحة، إن لم تستطع أن تتأكد فلا تنشر ما ينكد على الآخرين، المشكلة كيف يتبنى البعض قضايا وأحداثاً ويتحدث بثقة عمياء وهو لم يكلف نفسه التأكد مما حدث.

هناك من يتعمد نشر الأكاذيب و"المشعات"، وحتى وإن وجد له جمهور عريض لمتابعته إلا أنك حينما تستفسر من أناس ثقات تجدهم يتعاملون مع ما يقوله كما يتعامل جمهور مع مهرج، يضحكون قليلا ولكنهم لا يحاسبونه على ما يقول مع أن للمهرج مهمة جليلة في المجتمع أفضل من هؤلاء الذين تحولوا إلى جناة ومنتهكين بحق الآخرين وهم يتعاملون باستهتار تام ولا مبالاة مع معلومات تمس بالآخرين، وتحرف طريقة التطرق إليها وتأخذ مسارات أخرى قد تضر بالكثيرين أو يترتب عليها ضياع حقوق.

كون ليس كل موضوع قابلاً لأن يصبح للتهريج أو للتزييف والأخذ والعطاء، هناك مواضيع وأحداث وقضايا تتطلب تبصراً حتى قبل الحديث عنها وطرحها للرأي العام، وإن غدت قضية أو موضوعا صالحا للنشر فهناك مسئولية تترتب حتى في النشر.

إن عجزت أن تضع نفسك مكان الضحية أو الشخص الذي تنشر عنه أو عن قضيته، حول نفسك لمكتشف يجهل كل شيء ويود معرفة أكبر قدر من كل شيء، عليك مقاتلة حتى انحيازاتك الشخصية وميولك وتواجهاتك وآرائك، وستعرف أنه ليس من السهولة أن تتحول لشخص يتعامل مع المعلومة بتجرد تام من كل شيء ليعرف ما الذي حدث بالضبط، ولكنها لن تكون أصعب من الشعور بالمسئولية الذي ستجده يكبر في داخلك.

جربوا التأكد من أكثر من موضوع تجدونه بين أيديكم وستعرفون كم تبدو الأشياء والمواضيع والأحداث مختلفة عن الواقع، وستغدو أنفسكم أكثر حرصاً في البحث والتثبت من كل شيء يحدث. ستحتاجون لصلابة كبيرة لمواجهة ما ستعرفونه وما ستحطمونه في أنفسكم وما سوف يبنى على تلك المعارف والمعلومات التي تتحدث بشكل مستمر. دعكم من القوالب التي يجهزها لكم الآخرون.