د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

فنتازيا الحياة السياسية في اليمن.!

Wednesday 31 August 2022 الساعة 04:33 pm

لا خلاف.. الحياة السياسية اليمنية الراهنة. حالة فنتازية خارجة عن كل التقاليد والأعراف السياسية المحلية والعالمية. 

سقطت الدولة. وتشظت الخارطة والسلطة، وتبعاً لها تشظت الكيانات والمكونات والكينونات السياسية، وتجمعت على شكل مسخ خرافي كسيح متعدد الرؤوس.. بلا ملامح ولا أدمغة ولا أقدام.!

التحى اليسار العلماني حد العمل لصالح مشاريع وقوى كهنوتية خالصة. بينما الكهنوت الذي أصبح عارياً حتى العظم، حلق لحيته العفنة. ولبس لبوسا قومية ووطنية ويسارية.. فضفاضة تقتضيها المرحلة.!

انقسمت على نفسها أحزاب بعضها كانت له أبعاد وآفاق إقليمية أو أممية، وتفرقت بين الفرقاء: الحوثي. الشرعية، الإخوان، المجلس السياسي، المجلس الانتقالي.!

الفرقاء بدورهم، ومن قبلهم تفرقت بهم السبل وراء فرقاء أكبر. وقوى إقليمية ودولية.

القوى اليمنية اليوم  تتثاءب وتعطس وتكح.. تبعاً لإيران أو السعودية أو قطر أو الإمارات أو تركيا أو عمان..!

هكذا تمزقت أيادي سبأ، مرارا في الماضي؛ جرفتها نعرات سيل العرم؛ ثم انجرت بسيوفها خلف معاوية وعلي وابن الزبير والخوارج.. في العصر الأموي.ا

"سقطت قلاعٌ قبل هذا اليوم.

لكن الهواء اليوم حامض".

هكذا تحدث "محمود درويش". عن حالة عارمة مماثلة من السقوط والتشظي والبلبلة والاستلاب الشامل.

كل الأحزاب والجماعات ومراكز القوى اليمنية الراهنة. هنا أو هناك.. تقف في السلطة أو تابعة للسلطة.

وكلها تقف في المعارضة. تعارض بعضها. وفق نسق ينقلب رأسا على عقب كل بضع سنوات. لأسباب خارجة عن إرادتها.!

كلها تراهن على الثورة والمقاومة.. وكلها رهائن وقوى مرتهنة اختياريا وتطالب بالحرية.!

كلها فشلت على الأرض وتبحث في السماء عن مدد.

وصلت الحالة حد قيام الإخوان باتهام غيرهم بالارتزاق، وقيام الحوثي باتهام غيره بالعمالة.!

تماماً كما قال المثل العربي: "رمتني بدائها وانسلّت".!

إنها تتاجر بكل المقدسات الدينية والوطنية، وتزايد بشرفٍ باعته مرارا؛ وما تزال تعرضه للبيع.!

وبطبيعة الحال: هناك شرفاء. 

شرفاء في كل مكان: في المنفى. في مناطق الشرعية. في مناطق الحوثي.. في الشرق والغرب والشمال والجنوب.

لكن المرحلة بلا شرف.

 لا وجود لإطار يجمع هذه الشراذم والأشتات. لكي يكون لها علم بلون مختلف عن أعلام ذوات الرايات الحمر.

 لا وجود في اليمن اليوم. لسلطة طبيعية مسئولة، أو معارضة حقيقية منظمة من أي نوع.!

الطيبون مجرد شفاه مغلقة؛ أو صور وكلمات شاردة في الفضاءات الرقمية.!

لا أحد يصغي لأحد. والجميع يتربص بالجميع. 

وبالنسبة للغالبية الساحقة من الناس:

اليأس والذهول والقلق.. هي سيدة الموقف المتخبط في هاوية تبدو بلا قرار.

ثماني سنوات عجاف كانت أكثر من كافية ليكفروا بكل الأطراف. والقضايا. 

ولا أمل في أن يختلف الوضع في السنوات الثمان القادمة.!

وبلا وعي ولا إرادة.. طبّع هؤلاء، في كل إقليم على حدة، علاقتهم بظروف استثنائية مريعة لم تكن تخطر على بالهم حتى في أسوأ الكوابيس.!