د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

إيران: الخميني والسينما وثورات الربيع العربي.!

Sunday 21 August 2022 الساعة 09:10 am

في 19 أغسطس سنة  1978 وبينما كانت "الثورة السلمية" في إيران تسير بوتيرة بطيئة ضد الشاه رضا بهلوي، اندلع حريق كبير في سينما "ركس" في طهران، وتسبب بمقتل أكثر من 400 شخص، في مأساة مريعة كان من الواضح أنها مدبرة.

كان الخميني وجماهيره يعتبرون السينما أداة تغريب وعهر وإفساد للمجتمع، وكانوا بحاجة لشيء يؤجج غضب الشارع أكثر ضد الشاه، وهذا لا يعني اتهامهم بتلك الجريمة. لكن كان من مصلحتهم إحراق دار السينما وتثوير الشارع ضد الشاه. وضرب عصفورين بحجر واحد.

وكما حدث في جمعة الكرامة في صنعاء، وموقعة الجمل في القاهرة.. خلال ما سمي "الربيع العربي".. وجه قادة الثورة الإيرانية أصابع الاتهام إلى الشاه.. فاندلع الغضب الثوري ضده وسرع ذلك في رحيله.

حتى اليسار انخرط بدوره في تلك المظاهرات والاحتجاجات. وكما حدث خلال الربيع العربي أيضا. انساق اليسار وراء ثورة يقودها الإسلاميون، وصدقوا. لا أحد يدري كيف. وعود الخميني بتحويل إيران إلى واحة من العدالة والحرية والرفاهية.!

كانت إيران حينها تعاني من بعض الاختلالات الواردة دائما، لكن في المحصلة ومقارنة بدول المنطقة، كانت أفضل حالا. وتشهد طفرة اقتصادية هائلة، وتتمتع أكثر  بالرخاء والحريات السياسية والمدنية، بما فيها حق التظاهرات والاعتصامات السياسية.

لكن. حدث ما حدث. وسقط النظام. ومن يومها لم تعرف إيران لا سينما ولا رخاء ولا حريات مدنية أو سياسية. ولا أحد يجرؤ على الاحتجاج السلمي على النظام الثوري الشمولي.

زعماء اليسار. وأفضل كوادره، وحتى بعض قادة الثورة من الإسلاميين وبعض رفاق الخميني نفسه، اكتشفوا لكن بعد فوات الأوان، فداحة الثورة التي شاركوا في تأجيجها، من لم يسجن منهم. رحل خارج البلاد. التي أصبحت سجنا كبيرا بحجم الخارطة الإيرانية.

وكما فعل الرئيس مرسي في مواجهة الأزمات الاقتصادية لمصر. بتصديرها إلى الخارج، والحديث عن ضرورة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. قام آية الخميني بمعالجة كوارث الثورة على الشعب الإيراني. بالحديث عن تحرير القدس. من اليهود وتحرير العالم من الامبريالية الأمريكية "الشيطان الأكبر".!

وكما حدث في اليمن إثر الثورة "الحوثية"، تشردت أفلاذ أكباد الشعب الإيراني وتفرق مبدعوه في المنافي، بمن فيهم كبار الممثلين والمخرجين السينمائيين الذين ما زالوا إلى اليوم ينتجون ويبدعون ويحافظون في المهجر على سمعة السينما الإيرانية.

لم يبدع صناع "ثورات الربيع العربي" شيئا خارج حيثيات سردية "الثورة الإسلامية في إيران"، بدايةً برفع شعار السلمية، ومرورا بالتواطؤ مع الإسلاميين في تحويل البلد إلى مؤسسة خاصة للقمع والشمولية، وتصدير الثورة، واستنزاف البلد وراء مشاريع لا علاقة للشعب بها؛ وصولا إلى الاكتواء بنار الكهنوت والحلم بالهجرة إلى ما وراء القضبان والحدود.