عبدالملك النمري

عبدالملك النمري

تابعنى على

كبح عبدالله العديني يتطلب العودة إلى النبع: "جمعية منع المحرمات"!

Thursday 19 May 2022 الساعة 10:58 am

الخشونة في فِعل الأمر بالعروف والنهي عن المنكر ليست وليدة مسجد السلخانة بتعز، وهذا الجانب المتطرف الذي يلزمه العديني الرجل المُسن، هو اختيار طفل لم يكن سنه قد تجاوز الرابعة عشرة حين أسس، قبل مئة عام، مع صبية آخرين "جمعية منع المحرمات" بهدف التربص بالآثمين كالذين لا يخشعون في صلاتهم وإنذارهم!

ما من داعٍ لهذا الهجوم كلّه، أكثر ما يستحقه الرجل مشاعر العطف والشفقة باعتباره ضحيّة. فإذا كان عبدالله العديني متطرفا، وهو كذلك، فلأنه- استعير بدلا من قطعة لحم- فاكهة مسمومة لشجرة أقدم سمِّية يلزم تتبع ساقها وخنق جذوره النابتة أول مرة في صعيد مصر بعناية حسن.

ثِقل العديني إذن يتمثل في موروث ديني زاخر بالمرويات، القصص، إسنادات، أمثلة وسِيَر أعلام مقتداة بالتطرف، وبصرف النظر عن صدق وهزل ذلك التراث، إلا أن العديني مذاكر جيد ومُجيد لاستعمال كل ما فيه، نجده، حاثا على الغيرة، يشيد بالصحابي الذي نحر حصانا لأن سرجه احتفظ ببعض من مؤخرة زوجته، بدفئها، فخشي أن يحسّة رجل آخر، وأمثلة صحابية أخرى.

في المقابل، لو نظرنا إلى ما لدى مناوئيه، ونأخذ مدير مكتب ثقافة تعز مثالا بحكم أنه عدو العديني التقليدي؛ لوجدناه -وليس القصد الإهانة- مثل جمل أي معصرة زيت سمسم يلف ويلف دون أن يقول أكثر من: "فراعنة المنابر، ظلاميين، كهنة المعبد، تحريض(..) وأحرقوا سيارتي".

وعلى الجانبين ببغاوات كثيرة تتكفل بإحداث الضجة المعتادة، جلبة الرد والرد للرد، حتى أخذ الجدل، الأقرب إلى العراك منه إلى الحِراك، بعدا شخصيا -أو هكذا بدا- فالعديني يدافع، ومن حوله، عن العديني، فيما يناجزه الموازون قصاصا وقد ديّثهم، فسّقهم، كفّرهم، وساقهم إلى الجحيم، والسِّجال بين مدير مكتب الثقافة والعديني حالة خاصة، معركة بأثر رجعي، مشاحنة بينية تنافسية لعائلتين من ريف متجاور وجدت سبيلا إلى العامة، وفقا لرواية تتردد في أوساط تعزية، أوساط -للأمانة- محدودة.

وعليه يُتطلب إعادة النظر في الفوضى هذه، وهي فرصة نادرة لو تُنتهز من قبل التنويريين أو كما يزعمون، وتستثمر على نحو يخلّق تغييرا جذريا متجاوزا العديني، القيادي المؤسس في حزب التجمع اليمني للإصلاح.

يجب الاستفادة بأقصى ما يمكن من حالة المتابعة الجمعية لهذا التراشق المُحتد وطمأنة الأسماع والأنظار أولاً بأن الدين ليس هدفا وإن العديني ليس الدين، وهو ما يقتضي عودة إلى النبع.

الخشونة في فِعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواصلة حد الوصاية ليست وليدة مسجد السلخانة، وهذا الجانب المتطرف الذي يلزمه العديني الرجل المُسن، هو اختيار طفل لم يكن سنه تجاوز الرابعة عشرة اسمه حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.

مع صبية آخرين دبّر البنا بليل "جمعية منع المحرمات"، وكان اهتمامها استهداف ”من تصل أخبارهم إلى الجمعية بأنهم يرتكبون بعض الآثام أو لا يحسنون أداء العبادات على وجهها، خصوصا الصلاة، فمن أفطر ورآه أحد الأعضاء بلّغ عنه فوصله خطاب فيه النهي الشديد عن هذا المنكر، ومن قصر في صلاته ولم يخشع فيها ولم يطمئن وصله خطاب كذلك، ومن تحلّى بالذهب وصله خطاب نهي (...) وأيما امرأة شاهدها أحد الأعضاء تلطم وجهها في مأتم أو تدعو بدعوى الجاهلية وصل زوجها أو ولي أمرها خطاب، وهكذا ما كان أحد من الناس صغيرا أو كبيرا يعرف عنه شيء من المآثم إلا وصله خطاب من الجمعية ينهاه أشد النهي عما يفعل“. [ مذكرات الدعوة والداعية- حسن البنا].

لكم تخّيل ما سيصير إليه ذلك الفتى حين يكبر ويلف حوله الناس وينفحه الإنجليز بعض النفوذ السياسي.

يتصدى ويتصدر العديني بمثل هذه النماذج المتطرفة التي يستجّرها ومرافقاتها من المرويات والأحاديث، وما دام عديم النفوذ والدعم القبلي، فوحدها أسواره ومدافعه، هي قوته ونقطة ضعفه كذلك، وما لم يُكرّس هذا الهجوم للنيل منها أولا فسوف يصمد الرجل إلى ما لا نهاية.

سيظل ذلك الخطيب صوت الرسول والله ما لم يُجرد من هالة القداسة، وما دام كذلك فمهاجمته أو انتقاد ما يقوله لأنه فقط يقوله في حكم التعدي على السماء وهو ما لن يزيد الناس إلا تعلقا واحتشادا من حوله.