محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الثلاثة التائهون وشماعة الإمارات

Monday 16 September 2019 الساعة 10:04 pm

 

ربما هي حالة شاذة في السياسة، ونقول سياسة لأننا نتحدث عن شرعية امتلكت الحق في استعادة الدولة فأضاعت البلاد وهدمت الجمهورية، وعندما بدأت أصوات الناس تنادي من وسط الركام والأنين بإزاحة أو إصلاح هذه الشرعية وخاصة في ظل ولادة أطراف سياسية وعسكرية جديدة في الميدان، بدأ بعض أركاناتها بالقفز والبحث عن موقع جديد بعد اقتناعهم بحتمية التغيير.

ثلاثة من أركان الشرعية المحتجبة عن مواطنيها في فنادق الرياض أصدروا بياناً فيه من البؤس والحيرة ما يجعلهم في عالم التيه والبحث عن قشة يتمسكون بها للحصول على مكاسب جديدة، أحد مؤشرات بؤسهم السياسي الذي ظهر واضحاً في بيانهم عزمهم على إنهاء التواجد الإماراتي في اليمن، وكأنها جاءت للنزهة لا لمساعدة الشعب اليمني في استعادة حقه في الحياة قبل الدولة، وكأنها لم تبذل العشرات من أبنائها في سبيل اليمن، وكأنها لم تقدم دولاراً واحداً وتقديم الخدمات الإنسانية في كل المناطق التي تتواجد فيها والتي عجزت شرعية هؤلاء الثلاثة عن تقديم وجبة طعام واحدة لأي مواطن.

التائهون الثلاثة: جباري والميسري والجبواني، باحثون عن مصادر ليقدموا أنفسهم من باب الوطنية التي يتمسحون بها، ولا نعرف أين كانت الوطنية طيلة خمس سنوات من الحرب، أين هؤلاء المتمصلحون طيلة هذا الأنين الذي نردده كل يوم، جوعاً، وفقراً، وموتاً، وتشظياً، ومآتم لم تنقطع وبيوت يسكنها الدمار والخراب، أين كانوا؟!

أبتلينا بسياسيين لديهم القدرة على الظهور أمامنا وكأنهم عائدون من جبهات النصر، حاملين البشارة والأمل، يظهرون أمامنا ويطلبون منا أن ننحني احتراماً لهم، إنهم بلا حياء أو خجل، خمس سنوات يطوفون أروقة الفنادق بكشوف المرتب وبدل السكن والسفر وأنشطة الأولاد في المدارس، ورصيد الزوجات في السفارات، وعندما نقول لهم يكفي فساداً، يكفي عبثاً، يخرجون ويطالبون برحيل الإمارات.

نقول لهم إنكم تتدثرون بالشرعية التي يجب أن تكون اليوم في صنعاء، لم تقدموا شيئاً ولم تصنعوا واجباً ولم تفكروا بما آلت إليه البلاد بسببكم، يخرجون ويوعزون إلى أبواقهم الإعلامية بالمطالبة بإنهاء التواجد الإماراتي، وعندما نقول لهم لماذا؟ يقولون إنها انحرفت عن الأهداف.

والجميع يعرف ما هي أهداف الإخوان والتائهين، إنها الفساد والإقصاء واستمرار الحرب وانتشار الإرهاب والمناطقية والعنصرية، وبقاء الحوثي في صنعاء أهم أهدافهم.

أصبحت دولة الإمارات هي الشماعة التي يعلق عليها فاشلو الشرعية والإخوان المسيطرين عليها فشلهم وفسادهم، يحاولون التهرب من مواجهة الحقيقة وصرف الناس عنهم باختلاق معارك إعلامية لا تفيد اليمن ولا الجمهورية بل تساهم في خدمة الحوثي ومن خلفه إيران.

يتخذ الإخوان والتائهون في الشرعية من الإمارات مادتهم الإعلامية ومهاجمتها لا لشيء وإنما لأنهم مدفوعون قطرياً وتركياً، وأيضاً للهروب من تحمل مسؤولية الفشل وخلق تبريرات واهية لكل الخطايا التي ارتكبوها طيلة خمس سنوات في الوقت الذي يبحث الناس عن الخبز والماء والدواء.

جباري وهجومه على الإمارات ربما يكون مبرراً، لأنه كان يطمح في رئاسة مجلس النواب، لذلك يتحامل على الشيخ سلطان البركاني، الذي تربطه علاقة طيبة مع الإمارات، وكذلك لرفضه أن يكون ريموتاً يتحكم به جلال هادي ومدير مكتب والده، أما الميسري فهو يراد له أن يكون واجهة باعتباره جنوبياً ولهزيمته في عدن وقطع يد كانت داعمة للفوضى والخراب فيها، وأما الجبواني فهو تحصيل حاصل، سريع الاستجابة لتعليمات الجماعة.

جماعة الشرعية الإخوانية والتائهون فيها ينظرون لمصالح اليمن من زاوية مصالحهم، ويفصلون الحلول حسب مقاساتهم، ويريدون من القوى السياسية الأخرى أن تكون أداة بيدهم يحركونها حسب مصالحهم ومتى ما يشاؤون، يحتكرون الشرعية وكأنها ما وجدت إلا من أجلهم وأبنائهم وزوجاتهم، لا يتعاملون مع الجنوب إلا كغنيمة ومع الشمال كبهيمة، ولا يريدون أن يحاربوا الحوثي الذي بفضله انتفخت كروشهم وامتلأت خزائنهم من الدولارات.