فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

يتوهمون عفاشاً ليصارعوا أوهامهم!

Friday 16 August 2019 الساعة 04:57 pm

منذ أشهر مضت نتابع معركة تجري في الساحة الالكترونية حول قضية لا وجود لها في الواقع.. كل ما في الأمر أن أبطال هذه المعركة توهموا أن لطارق عفاش عشرة آلاف مقاتل موجودين في أحد المعسكرات يقع في ضاحية من ضواحي عدن.. ومع ذلك ترى أن الأشخاص الذين صنعوا هذا الوهم مستنفرون للغاية في مواجهة وهم مكانه الوحيد في رؤوسهم.. سياسيون وعسكريون وأشياخ طوال عراض، يجهدون أنفسهم في الخطابة والمقالة والتصريح في سبيل طرد قوة عسكرية شمالية من الجنوب، ليس لها وجود في الجنوب أصلاً.

الذين توهموا هذا الوهم يصارعونه بفدائية لا نظير لها، لتحقيق انتصارات مختلفة.. فسرية تتكئ على هذا الوهم لكي تثير غضب النزقين على المواطنين البسطاء.. وسرية ثانية اتخذت من الوهم ذريعة للتحريض ضد المجلس الانتقالي، حيث تشيع أن الانتقاليين جبناء و(حيرهم) على الشماليين المساكين فقط، بينما هم أمام قوات طارق عفاش في عدن أجبن من فأر المطبخ.. وسرية هدفها ضرب الجنوبي بالجنوبي.. وسرية رابعة تخصصت في تصميم فيديوهات تشرح للزبائن حجم الخسائر وعدد الانتهاكات بسبب الأحداث، لتقول لهم في النهاية: انظروا، إن عدن تكتظ بأصحاب طارق عفاش لكن ما منهم أحد تعرض لأذى، لا عفاشي ضرب أو أعتقل أو طرد، وشوارع عدن مزدحمة بمركبات طارق عفاش، ومع ذلك لم تصب واحدة منها بخدش حتى، ومعسكر بير أحمد فيه عشرة آلاف جندي من قوات طارق عفاش، ولا انتقالي جنوبي فكر بمحاصرة معسكرهم!

وهم في هذه الأماني السوداء محقون.. إذ لا مركبات خدشت ولا جنود حوصروا في المعسكر، والسبب معروف، وهو أن لا مركبات موجودة هناك، ولا جنود في المعسكر الذي صار فارغاً منذ نحو عام.. فيا للؤم أبطال المعركة الوهمية! إنهم حزانى على سلامة الأبرياء.. ويا لكسلهم أيضاً، فلا واحد منهم كلف نفسه زيارة تلك الأماكن ليستطلع الأمر، ويتأكد ما إذا كان فيها أحد أم لا.. ونشفق في الوقت عينه على هؤلاء الإعلاميين والعسكريين والسياسيين الذي يرهقون رؤوسهم ويطوحون بمصداقيتهم في معركة هم أحد طرفيها، والطرف الثاني فيها وهم توهموه هم.

لعل بعض الناس قد صدقوا في البداية حكاية مكذوبة كهذه، لكنهم اليوم يدركون كذبها ومراميها، ولا يتعاملون معها بجدية، والفضل في ذلك يعود لأبطال هذه المعركة الوهمية أنفسهم، فمع كثرة الكلام، وكثرة التلفيق، وتعدد الفيديوهات، كثرت سقطاتهم في مروياتهم والصور الملفقة التي تتضمن إفادات أن الحكاية لم تعد تصدق.. كما بات المتابعون يلاحظون أن أبطال المعركة الوهمية هذه مجرد أشخاص يحركهم التنافس، والرغبة في التحريض المقصود لدوافع سياسية مكشوفة.. وقد أشرنا أن فيهم الإعلامي والسياسي والقائد العسكري.. الشمالي والجنوبي.. الحراكي والهمج.. كلهم ساروا خلف الإخوان المفلسين المثقلين بالكراهية، الذين تولوا كبر الفرية، ودائماً يقفون وراء كل شائعة وكذبة وفاحشة وبلية.