د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

حنين في زمن المليشيا!

Tuesday 18 June 2019 الساعة 06:26 pm

أشتاق للقرية وابتسامة الجدات ورائحة المشاقر،

حديث المعمرين واللمّة والمزح المكتظ بالطيبة والبراءة..

تلك الوجوه المشرقة بالحب والبساطة...

أشتاق تلك الأزقّة الآسرة بروائح الملوج والفطير، على صوت حَجَرَتي السحاوق "المَرْها"، وهي تلوك الطماطم وملحقاتها.. وراديو إذاعة تعز يجلجل في مطابخ البيوت "المريوش" ذات الثقوب الطاردة لأدخنة مآفي المدر.

اشتاق تلك الأرواح الجميلة التي لم أجد مثلها مطلقاً..

فكلما أخذتنا الغربة ومدنيتها الصاخبة بالشوارع الواسعة والأبراج العملاقة، نزداد حنينا ونشعر بالفراغ، نشعر اننا وحيدون الا من السفر بالذاكرة كل لحظة إلى اليمن بريفه وقراه، وانا المنفي وراء المحيطات منذ عقد ونيف.

لكن تلك القرية البسيطة التي عجنتني ببحور الذكريات، حرمنا الحوثيون حتى من محاولة تذكرها، لاننا بتنا نهرب حتى عن الحديث عنها وقد باتت خرابا، كأنها طحنت في رحى في مدينة منكوبة بالحوثيين وبعض أبنائها في آن واحد.. أبنائها المحتشدين ضد العيش وكل مقومات الحياة في تعز، وهم يتركون خطر المليشيا المحدق والمحيط بهم جانبا ليتحولوا إلى مليشيا أعتى وأنكى وباسم الدين والله أيضا..

ومع ذلك ما نزال نحلم ونحِنّ...

سنعود يوما ما وقد ذهب الرُّباح ونبت الزرع ونضجت السبول وعادت القرية كما كانت.

"بزنبيل حزني

حبوب المجاذيب يتخاللين

بحزني انكسار

انتظار

انتصار

تعوّدت أطوي جراحات حزني بحزني

أُعبّي ملاءة جُيوبي عزائم

لصد انكساري

وأغرف من الصبر ما يكفي

زمان انتظاري

وأشرب من الضوء ما يروي

عروق انتصاري

والسواعد لها في حياتي نصيب الأسد

إذا فالخت في طريقي المصيبة

تموت العواطف

يستشهد الحرف فوق الرصاصة".